حديث عبد الله بن حنطب
23-03-2023
[7] حديث عبد الله بن حنطب([1]) قال: خطبنا رسول الله بالجحفة فقال: «ألست أولىٰ بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلىٰ يا رسول الله، قال: «فإني سائلكم عن اثنين: القرآن وعترتي».
الحديث أورده الشيعي عبدالحسين وعزاه إلىٰ الطّبراني بواسطة ثلاثة مصادر لم يذكر فيها الحديث مسنداً، ولم أجده في شيء من كتب الطّبراني المطبوعة. هـٰذا، وقد وجدت متن الحديث فقط في مصدرين موثوقين:
الأول: ذكر في «أسد الغابة» لابن الأثير معلّقاً دون إسناد ومختصراً، معطوفاً علىٰ حديث آخر ذكره ابن الأثير لعبد الله بن حنطب من طريق «سنن التّرمذي»([2])، ثمّ قال ابن الأثير: «وروىٰ عنه ابنه أيضاً أنه قال: خطبنا رسول الله قال: «إني سائلكم عن اثنتين: عن القرآن، وعن عترتي»».
ثمّ عقّب ابن الأثير علىٰ الحديثين بقول التّرمذي: «حديثٌ مرسلٌ، وعبد الله بن حنطب لم يدرك النّبي »([3]).
وعليه: فإن كان الحديث الثّاني المعلّق ــ محلّ البحث ــ بنفس إسناد التّرمذي؛ فهو ضعيف مرسلٌ علىٰ الصّحيح([4]).
وقد أشار ابن عدي في «كامله» إلىٰ بعض أوجه الاضطراب التي أصابت أصل هـٰذا الإسناد، ثمّ قال: «وهـٰذه الأحاديث ليست بمحفوظة، بعضها في فضائل أبي بكر وعمر، وبعضها في فضائل علي»([5]).
- وذكر المتن أيضاً في «مجمع الزّوائد» للهيثمي مطوّلاً، قال: «وعن عبد الله بن حنطب قال: خطبنا رسول الله ــ بالجحفة فقال: «ألست أولىٰ بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلىٰ يا رسول الله!. قال: «فإني سائلكم عن اثنين: عن القرآن، وعن عترتي. ألا ولا تقدّموا قريشاً فتضلّوا، ولا تخلّفوا عنها فتهلكوا، ولا تعلّموها فهم أعلم منكم. قوة رجل من قريش أفضل من قوة رجلين من غيرهم. لولا أن تبطر قريشٌ لأخبرتها بما لها عند الله تعالىٰ، خيار قريش خيار النّاس».
ثمّ قال الهيثمي: «رواه الطّبراني، وفيه من لم أعرفه»([6]).
قلت: يستفاد من إيراد الهيثمي لهـٰذا المتن بهـٰذه الصورة أمورٌ:
الأول: أن هـٰذا الحديث قد رواه الطّبراني في أحد مصنّفاته مسنداً، ولعلّه في الأجزاء المفقودة من «المعجم الكبير» الخاصّة بحرف العين التي لم تطبع بعد.
الثاني: أن أحد رواته مجهولٌ لم يعرف كما قال الهيثمي؛ وعليه فهو حديثٌ ضعيف إلىٰ أن يثبت العكس، ولا سبيل إلىٰ ذٰلك إلّا بالوقوف علىٰ إسناد الحديث.
الثالث: أن رواية عبد الله بن حنطب عن النّبي مرسلةٌ.
والحديث إن صحّ فيه إرشاد النبي للأمّة أن تعمل بالقرآن، وتعرف حقّ عترته بمودّتهم وتأدية حقوقهم، وإثبات فضل عموم قريش وهـٰذا الأخير لا ترضاه ولا تقرّ به الشيعة.
([1]) مختلفٌ في صحبته كما في مصادر ترجمته، انظر: «تهذيب الكمال» (14/435).
([2]) الحديث الآخر الذي ذكره ابن الأثير، ساق إسناده إلىٰ أبي عيسىٰ التّرمذي في «سننه» (3671)، قال: «حدّثنا قتيبة، حدّثنا ابن أبي فديك، عن عبد العزيز بن المطّلب، عن أبيه، عن جدّه عبدالله بن حنطب؛ إن رسول الله ﷺ رأىٰ أبا بكر وعمر، فقال: «هذان السّمع والبصر». قال التّرمذي عقبه: «وفي الباب عن عبدالله بن عمرو، وهذا حديثٌ مرسلٌ، وعبدالله بن حنطب لم يدرك النّبي ﷺ».
([3]) انظر: «أسد الغابة» (3/219).
([4]) انظر: «السلسلة الصحيحة» للألباني (2/ 814، 815).