[6]حديث زيد بن أرقم: «كأني دعيت فأجبت. إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالىٰ وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتىٰ يردا علي الحوض». ثم قال: «إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولىٰ كل مؤمن». ثم أخذ بيد علي فقال: «من كنت مولاه فهـٰذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه».

حديثٌ ضعيف منكرٌ ــ كما بينت فيما سبق من أحاديث ــ عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، عدا الشّطر الأخير وهو قوله: «من كنت مولاه فهـٰذا وليه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»؛ فهو مختلفٌ في صحّته كما سيأتي في موضعه، لكن لا يدلّ علىٰ ما ذهب إليه الشيعة.

هـٰذا، وقد عزا الشيعي الحديث رقم (6) إلىٰ «المستدرك» للحاكم في موضعين:

الموضع الأول: «المستدرك» (3/109)، من طريق أبي الطّفيل عامر بن واثلة، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: لمّا رجع رسول الله  من حجّة الوداع ونزل غدير خمّ أمر بدوحات فقممن، فقال: «كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثّقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالىٰ، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرّقا حتّىٰ يردا علي الحوض». ثمّ قال: «إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولىٰ كل مؤمن»، ثمّ أخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: «من كنت مولاه فهـٰذا وليه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».

وقال الحاكم عقبه: «صحيحٌ، علىٰ شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه بطوله».

قلت: لا، ليس علىٰ شرط الشّيخين، بل هو إسنادٌ ضعيف؛ لأن حبيب بن أبي ثابت ــ الرّاوي عن أبي الطّفيل ــ مدلّسٌ، وقد عنعن، ومتنه منكرٌ عدا قوله: «من كنت مولاه فهـٰذا وليه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»؛ فهو مختلفٌ في صحّته وسيأتي تخريجه في موضعه.

الموضع الثّاني: «المستدرك» (3/533)، من طريق حبيب بن أبي ثابت يخبر عن يحيىٰ بن جعدة، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله  حتّىٰ انتهينا إلىٰ غدير خمّ، فأمر بدوح فكسح، في يوم ما أتىٰ علينا يومٌ كان أشدّ حرّاً منه، فحمد الله وأثنىٰ عليه، وقال: «يا أيها النّاس! إنه لم يبعث نبي قطّ إلّا ما عاش([1]) نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعىٰ فأجيب، وإني تاركٌ فيكم ما لن تضلّوا بعده:كتاب الله ». ثمّ قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: «يا أيها النّاس! من أولىٰ بكم من أنفسكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ألست أولىٰ بكم من أنفسكم؟»، قالوا: بلىٰ. قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه».

قال الحاكم عقبه: «صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه».

قلت: لا، ليس علىٰ شرط الشّيخين؛ لأن في الإسناد كامل بن العلاء أبا العلاء التّميمي لم يخرّجا له، وهو «صدوقٌ يخطئ» كما قال الحافظ ابن حجر([2]).

وفيه أيضاً يحيىٰ بن جعدة لم يخرّجا له كذٰلك، وهو ثقةٌ، يرسل عن بعض الصّحابة([3]).

وفيه حبيب بن أبي ثابت أيضاً وهو مدلس، ولم يصرّح بالسّماع.

ومن الملاحظ أنه في الطّريق الثانية للحاكم لم يرد ذكر العترة، وأن فيها ذكر الكتاب فقط! وهـٰذا من الأدلّة علىٰ اضطراب الحديث ونكارة ذكر العترة والأمر بالتّمسّك بهم، لاسيما من رواية زيد بن أرقم رضي الله عنه في غير «صحيح مسلم»، علماً بأن ذكر الكتاب فقط هو الموافق للرواية الصّحيحة لٰهذا الحديث الوارد في «صحيح مسلم» عن الصّحابيين الجليلين زيد بن أرقم وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

 

([1])        كذا في «المستدرك» ولعل (ما) زائدة.

([2])       «تقريب التهذيب» (5639).

([3])       «تقريب التهذيب» (7570).