سند المراجعات ومصداقيتها
22-03-2023
رابعاً: سند المراجعات ومصداقيتها:
إن قبول كتاب المراجعات لعبدالحسين الموسوي متوقّفٌ علىٰ شاهد واحد وهو مؤلّفه، فمن ارتاب وشكّ في أمانته، وصحّة نقله، فلن يقبل الكتاب جملةً وتفصيلاً، والأصل عندنا قوله تعالىٰ: ﴿يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].
وإذا كان الأمر كذلك؛ فلننظر في حال عبدالحسين الموسوي، كما كان يصنع سلفنا الصّالح مع رواة الحديث، وذلك بسبر مروياتهم، وليس لنا هنا إلّا: حدّثنا الموسوي كتابةً عن البشري؟! فهل صدق الموسوي في نقله، وكان أميناً ؟ فالحقّ ما ترىٰ لا ما تسمع.
خذ ما تــراه ودع شيئاً سمعت بــه
في طلعة الشّمس ما يغنيك عن زحل([1])
فهذه الرّسائل المنسوبة إلىٰ شيخ الأزهر البشري غير ثابتة عنه، ومن حقّنا أن نردّها؛ إذ لم يخرج لنا الموسوي أي صورة من صور تلك الرّسائل التي لو كانت عنده لما تردّد في إخراجها وإبرازها. وممّا يزيد الطّين بلّةً هو أن الموسوي لم يخرج هذا الكتاب إلا بعد وفاة البشري بعقدين من الزّمن، وقد ذكر في مقدّمات الرّسائل عبارات من الإطراء والمدائح المصطنعة، وأنا لا أستبعد استعمال الموسوي للتّقية بل أجزم بذلك؛ لأن مذهبه يبيحها بل يوجبها؛ قال الخميني عن التّقية: «ثمّ إنه لا يتوقّف جواز هذه التّقية بل وجوبها علىٰ الخوف علىٰ نفسه أو غيره، بل الظّاهر أن المصالح النّوعية صارت سبباً لإيجاب التّقية من المخالفين، فتجب التّقية وكتمان السّرّ لو كان مأموناً، وغير خائف علىٰ نفسه»([2]).
أمّا قول الموسوي في المقدمة: «هذه صحفٌ لم تكتب اليوم، وفكرٌ لم تولد حديثاً، وإنما هي صحفٌ انتظمت منذ زمن يربو علىٰ ربع قرن، وكادت يومئذ أن تبرز بروزها اليوم، لكنّ الحوادث والكوارث كانت حواجز قويةً عرقلت خطاها».
فأقول: لا تعلم في تلك الحقبة حوادث وكوارث تعوق نشــر مثل هذا الكتاب، وذلك أن الموسوي يتكلم عن سنة (1910م) أي قبل (102 سنة)، والذي يظهر أنه يريد ــ بالحواجز القوية ــ وجود الشّيخ سليم البشري علىٰ قيد الحياة، فلمّا مات الشّيخ البشري خلا الجوّ للموسوي لكي يعرض ما عنده ولا يردّ عليه أحدٌ([3]).
([3]) قال الشيخ علي السالوس: «لّما نظرت في كتاب «المراجعات» أدركت أن عبدالحسين يفتري الكذب علىٰ شيخ الأزهر الإمام الأكبر سليم البشري. حدثت شيخي الشيخ أبو زهرة يرحمه الله بهذا؛ فوجدته يشاركني الرّأي في استبعاد أن يصدر من الشيخ البشري ما نسب إليه في كتاب المراجعات. وتحدثت مع الشيخ محمد سليم البشري فقال لي ما نصّه: قرأت الحديث علىٰ أبي ثلاثين سنةً، فما ذكر لي شيئاً عن الشّيعة،وما كان يخفي عنّي أي شيء» اهــ. «المراجعات المفتراة» المقدمة.