أنا مَدِينةُ العِلْمِ وعليٌّ بابُها
22-03-2023
المَبْحثُ التَّاسِعُ
حَدِيثُ «أنا مَدِينةُ العِلْمِ وعليٌّ بابُها»
هَذَا الحَدِيثُ لَا يَثْبُتْ عَنِ النَّبيِّ سَنداً، وَلَا مَتْناً.
أَمَّا السَّنَدُ:
فَالحَدِيثُ أَخْرَجَه الطبراني([1]) والحَاكِمُ([2]) عن ابنِ عَبَّاسٍ من طَرِيقينِ:
الطريق الأَوَّلُ: فِيه عَبْدُ السَّلامِ بْنُ صالحٍ، أَبُو الصَّلْتِ الهَرَويُّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «لَم يَكُن عِنْدِي بِصَدُوقٍ، وهو ضعيف»([3]).
وَقَالَ العُقَيليُّ: «كان رَافِضِياً خَبيثاً»([4]).
وَقَالَ ابنُ عِدِيٍّ: «مُتَّهَمٌ»([5]).
وَقَالَ النَّسَائِيٌّ: «لَيسَ بِثِقَةٍ ولا مَأْمونٍ»([6]).
وَنَقَلَ الدُّورِيُّ أَنَّ يَحْيَىٰ بنَ مَعِينٍ وَثَّقَه، بَينَمَا نَقَلَ ابنُ مِحْرزٍ عَن ابن معينٍ أنه قَالَ فِيه: «لَيسَ مِمَّن يَكْذِبُ»([7]).
الطريقُ الثَّاني: فِيه:
- مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ حَكيمٍ: «فِيه لِينٌ»([8]).
- الحَسَينُ بنُ فَهمٍ البغدادي، قال الدارقطنيُ: «لَيسَ بِالقَوِيِّ»([9]).
- الأَعْمشُ سُلَيمانُ بنُ مِهْرَانَ: ثِقَةٌ إِلَّا أَنَّه مُدَلِّسٌ([10]) وَقَد عَنْعَنه؛ أَي: لَم يُصَرِّحْ بِالسَّمَاعِ.
وَالحَدِيثُ ضَعَّفَه أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ:
قَالَ البُخَارِيُّ: «مُنْكَرٌ، لَيسَ لَه وَجْهٌ صَحِيحٌ»([11]).
قَالَ أَبُو حَاتمٍ: «لَا أَصْلَ لَه»([12]).
قَالَ أَبُو زُرعة: «كَم مِنْ خَلْقٍ افتضحوا فيه»([13]).
قَالَ العُقَيليُّ: «لَا يَصِحُّ في هَذَا المَتْنِ شَيءٌ»([14]).
قَالَ ابنُ حبانَ: «هَذَا شَيءٌ لَا أَصلَ لَه»([15]).
قَالَ الدَّارَقُطْنيُّ: «الحَدِيثُ مُضطربٌ غَيرُ ثَابتٍ»([16]).
قَالَ ابنُ الجَوزيِّ: «لَا يَصِحُّ، وَلَا أَصْلَ لَه»([17]).
وَقَالَ النَّوويُّ والذَّهَبِيُّ وابنُ تَيمِيّةَ وَالأَلْبَانِيُّ: «مَوضُوعٌ»([18]).
أَمّا مَتْنُ الحديث: فَمُنْكَرٌ لأمورٍ:
الأمر الأول: العَالِمُ لَا يُقَالُ لَه مَدِينةُ عِلْمٍ؛ لأَنَّ المَدينةَ مَحْدُودَةٌ، بَلْ يُقَالُ: بَحرُ العِلْمِ، سَمَاءُ العِلْمِ، فضاء العلم وأمثالها.
الأمر الثاني: لَو صَحَّ قَولُه عن عَليٍّ: «بَابُ مَدِينةِ العِلْمِ»، فَيتعيّنُ أَنَّ عَلِيّاً هُو المَبْعُوثُ لِلنَّاسِ أَجْمعين، وَلَيسَ مُحَمَّداً.
الأمر الثالث: العِلْمُ نَقَلَه عن النَّبيِّ غَيرُ عَلِيٍّ، كَأَزْوَاجِه وَبقِيَّةِ أَصْحَابِه، فكَيْفَ يُقَالُ بَعدَ ذَلِكَ: لَا يُؤْخَذُ عِلْمُ النَّبيِّ إِلَّا عن طرِيقِ البَابِ الَّذِي هُو عَلِيٌّ؟
([1]) «المعجم الكبير» (١١٠٦١).
([2]) «المُسْتَدْرَكِ» (٣/٢٢٦).
([3]) «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٦/٤٨).
([5]) «الكامل في الضعفاء» (٥/٣٣١).
([7]) انظر: «معرفة الرجال» (١/٧٩).
([8]) «المعجم الكبير» (١١٠٦١).
([10]) «تقريب التهذيب» لابن حجر (٢١٣٢)، «تعريف أهل التقديس» لابن حجر (٥٥).
([11]) «المقاصد الحسنة» (١٧٠).
([13]) «تاريخ بغداد» (١١/٢٠٥).
([14]) «الضعفاء الكبير» (٣/١٥٠).
([18]) ««تلخيص المستدرك» (٣/١٢٦)، «مجموع الفتاوىٰ» (١٨/٣٧٧)، «فتح الملك العلي» (٥١)، «ضعيف الجامع» (١٤١٦).