المَبْحثُ التَّاسِعُ

حَدِيثُ «أنا مَدِينةُ العِلْمِ وعليٌّ بابُها»

  هَذَا الحَدِيثُ لَا يَثْبُتْ عَنِ النَّبيِّ سَنداً، وَلَا مَتْناً.

أَمَّا السَّنَدُ:

  فَالحَدِيثُ أَخْرَجَه الطبراني([1]) والحَاكِمُ([2]) عن ابنِ عَبَّاسٍ من طَرِيقينِ:

  الطريق الأَوَّلُ: فِيه عَبْدُ السَّلامِ  بْنُ صالحٍ، أَبُو الصَّلْتِ الهَرَويُّ.

  قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «لَم يَكُن عِنْدِي بِصَدُوقٍ، وهو ضعيف»([3]).

  وَقَالَ العُقَيليُّ: «كان رَافِضِياً خَبيثاً»([4]).

  وَقَالَ ابنُ عِدِيٍّ: «مُتَّهَمٌ»([5]).

  وَقَالَ النَّسَائِيٌّ: «لَيسَ بِثِقَةٍ ولا مَأْمونٍ»([6]).

  وَنَقَلَ الدُّورِيُّ أَنَّ يَحْيَىٰ بنَ مَعِينٍ وَثَّقَه، بَينَمَا نَقَلَ ابنُ مِحْرزٍ عَن ابن معينٍ أنه قَالَ فِيه: «لَيسَ مِمَّن يَكْذِبُ»([7]).

  الطريقُ الثَّاني: فِيه:

  •  مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ حَكيمٍ: «فِيه لِينٌ»([8]).
  • الحَسَينُ بنُ فَهمٍ البغدادي، قال الدارقطنيُ: «لَيسَ بِالقَوِيِّ»([9]).
  • الأَعْمشُ سُلَيمانُ بنُ مِهْرَانَ: ثِقَةٌ إِلَّا أَنَّه مُدَلِّسٌ([10]) وَقَد عَنْعَنه؛ أَي: لَم يُصَرِّحْ بِالسَّمَاعِ.

وَالحَدِيثُ ضَعَّفَه أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ:

  قَالَ البُخَارِيُّ: «مُنْكَرٌ، لَيسَ لَه وَجْهٌ صَحِيحٌ»([11]).

  قَالَ أَبُو حَاتمٍ: «لَا أَصْلَ لَه»([12]).

  قَالَ أَبُو زُرعة: «كَم مِنْ خَلْقٍ افتضحوا فيه»([13]).

  قَالَ العُقَيليُّ: «لَا يَصِحُّ في هَذَا المَتْنِ شَيءٌ»([14]).

  قَالَ ابنُ حبانَ: «هَذَا شَيءٌ لَا أَصلَ لَه»([15]).

  قَالَ الدَّارَقُطْنيُّ: «الحَدِيثُ مُضطربٌ غَيرُ ثَابتٍ»([16]).

  قَالَ ابنُ الجَوزيِّ: «لَا يَصِحُّ، وَلَا أَصْلَ لَه»([17]).

  وَقَالَ النَّوويُّ والذَّهَبِيُّ وابنُ تَيمِيّةَ وَالأَلْبَانِيُّ: «مَوضُوعٌ»([18]).

أَمّا مَتْنُ الحديث: فَمُنْكَرٌ لأمورٍ:

  الأمر الأول: العَالِمُ لَا يُقَالُ لَه مَدِينةُ عِلْمٍ؛ لأَنَّ المَدينةَ مَحْدُودَةٌ، بَلْ يُقَالُ: بَحرُ العِلْمِ، سَمَاءُ العِلْمِ، فضاء العلم وأمثالها.

  الأمر الثاني: لَو صَحَّ قَولُه عن عَليٍّ: «بَابُ مَدِينةِ العِلْمِ»، فَيتعيّنُ أَنَّ عَلِيّاً هُو المَبْعُوثُ لِلنَّاسِ أَجْمعين، وَلَيسَ مُحَمَّداً.

  الأمر الثالث: العِلْمُ نَقَلَه عن النَّبيِّ غَيرُ عَلِيٍّ، كَأَزْوَاجِه وَبقِيَّةِ أَصْحَابِه، فكَيْفَ يُقَالُ بَعدَ ذَلِكَ: لَا يُؤْخَذُ عِلْمُ النَّبيِّ إِلَّا عن طرِيقِ البَابِ الَّذِي هُو عَلِيٌّ؟

 

([1])    «المعجم الكبير» (١١٠٦١).

([2])   «المُسْتَدْرَكِ» (٣/٢٢٦).

([3])   «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٦/٤٨).

([4])   «الضعفاء» (٣/٧٠).

([5])   «الكامل في الضعفاء» (٥/٣٣١).

([6])   «شيوخ النسائي» (ص٦٣).

([7])   انظر: «معرفة الرجال» (١/٧٩).

([8])   «المعجم الكبير» (١١٠٦١).

([9])   «سؤالات الحاكم» (٨٥).

([10]) «تقريب التهذيب» لابن حجر (٢١٣٢)، «تعريف أهل التقديس» لابن حجر (٥٥).

([11]) «المقاصد الحسنة» (١٧٠).

([12]) «كشف الخفا» (١/٢٣٥).

([13]) «تاريخ بغداد» (١١/٢٠٥).

([14]) «الضعفاء الكبير» (٣/١٥٠).

([15]) «المجروحين» (٢/١٥١).

([16]) «العلل» (٣/٢٤٧).

([17]) «الموضوعات» (١/٣٤٩).

([18]) ««تلخيص المستدرك» (٣/١٢٦)، «مجموع الفتاوىٰ» (١٨/٣٧٧)، «فتح الملك العلي» (٥١)، «ضعيف الجامع» (١٤١٦).