الخلاصةُ

وَأَخِيراً نَقُولُ:

  وَعَلىٰ فَرضِ أَنَّ بَعْضَ مَا ذُكِرَ سابقاً أَو غَيرَه مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هِي مَعَاصٍ وَقَعت مِن بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبيِّ، فَمَا المَانِعُ مِن مَغْفرَةِ  اللهِ لَهَا، ولمغفرة الذنب أسباب كثيرةٌ:

  ثَلَاثةٌ مِن صَاحِبِ المَعْصِيةِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَرْبَعةٌ مِنَ  اللهِ جَلَّ وَعَلا.

أما الأسباب التي يحدثها صاحبُ المعصيةِ إذا أرادَ محوها:

  • التّوبَةُ: ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ﴾ [الفرقان: ٧٠].
  •   الاسْتِغْفَارُ: ﴿فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠﴾ [نوح: ١٠].
  • الحَسَنَاتُ المَاحِيةُ: ﴿.. إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّيِّئَاتِ... ١١٤﴾ [هود: ١١٤].

وأمّا الأسباب التي يُحْدِثُها الناسُ:

  • دُعَاءُ المؤْمِنينَ لَه:

  قال تعالىٰ: ﴿وَٱلَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ١٠﴾ [الحشر: ١٠].

  • إِهداءُ العَملِ الصَّالَحِ لَه:

  قَالَ رَسُولُ  الله عندما ضحىٰ: «اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا عَن مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَمَّن لَمْ يُضَحِّ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»([1]). وحديث «لَبّيكَ اللَّهُمَّ عَن شبرمَةَ»([2]) لمَّا حَجَّ أَحَدُهُمْ وَقَالَ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. وَهَذِه المَسْأَلَةُ فِيها خِلَافٌ، وأْكْثرُ أهلِ العِلمِ عَلَىٰ أَنَّ إِهْدَاءَ الطَّاعَاتِ يَنْفَعُ المُسْلِمَ.

  • شَفَاعَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَغَيرِه يومَ القِيامةِ.

وأمّا مَنُّ  الله وفضلُه:

  • المَصَائِبُ المُكَفِّرةُ في الدُّنْيا: قَالَ رَسولُ  اللهِ: «مَا يُصِيبُ المُسلمَ مِن وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، ولا أذىًٰ، ولا غمٍّ، حَتىٰ الشَّوكَةِ يُشَاكُهَا؛ إِلَّا كَفَّرَ  اللهُ بِه مِن خَطَاياه»([3]).
  • عذابُ القَبْرِ: وَقْد يُكْتَفَىٰ بِه عَن عَذَابِ الآخِرَةِ وَذَلِكَ بِحَسْبِ الذُّنُوبِ وقِلَّتِها.
  • في عَرَصَاتِ القِيامَةِ: حَيثُ القصَاصُ بين المُسْلِمِينَ والمُسَامَحَةِ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ... ٤٣﴾ [الأعراف: ٤٣].
  • مَغْفِرةُ  اللهِ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ... ٤٨﴾ [النساء: ٤٨].

  ولَمَّا دَخَلَ المِسْورُ بنُ مَخْرمةَ عَلَىٰ مُعَاويةَ دَارَ بَيْنَهُمَا الحَدِيثُ الآتي:

  قَالَ مُعاويةُ لِلمِسْورِ: مَا تَنْقِمُ عَلَيَّ؟

  فَذَكَرَ المِسْورُ أُمُوراً هِي جميعُ مَا ينْقمُ عَلَيه.

  فَقَالَ مُعاويةُ: وَمَعُ هَذَا يَا مِسوَرُ أَلَكَ سَيِّئَاتٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.

  قَالَ: أَتَرْجُو أَن يَغْفِرَهَا  اللهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

  قَالَ فَمَا جَعَلَكَ أَرْجَىٰ لِرَحْمةِ  اللهِ مِنِّي؟ وَإِنِّي مَعَ ذَلِكَ وَاللهِ مَا خُيِّرْتُ بَينَ  اللهِ وَبَينَ غَيرِه إِلَّا اخْتَرْتُ  اللهَ عَلَىٰ غَيرِه، وَوَاللهِ لَمَا آلِيه من الجِهَادِ وَإِقَامةِ الحُدُودِ والأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهي عَنِ المُنْكَرِ أَفْضَلُ من عَمَلِكَ، وَإِنِّي عَلَىٰ دِينٍ يَقْبَلُ من أَهْلِه الحَسَنَاتِ وَيَتَجَاوزُ عَنِ السَّيئاتِ، فَمَا جَعَلَكَ أَرْجَىٰ لِرحْمةِ  اللهِ مِنِّىٰ؟

  قَالَ المِسْورُ: فَخَصَمَنِي([4]).

 

([1])    أخرجه أحمد (٣/٣٥٦)، وإسناده حسن.

([2])   أخرجه أبو داود (١٨١١)، وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود».

([3])   أخرجه البخاري (٥٦٤١)، ومسلم (٢٥٧٣).

([4])   أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٢٠٧١٧).