الطعن في عدالةِ الصحابةِ
21-03-2023
المبحث الثاني
الفِرَقُ التي طعنتْ في عدالةِ الصحابةِ وحُجَجُهم
الَّذِينَ طَعَنُوا فِي عَدَالَةِ أَصْحَابِ النَّبيِّ أَرْبَعُ فِرَقٍ:
الفِرْقَةُ الأُوَلىٰ: الشِّيعَةُ. الفِرْقَةُ الثَّانِيةُ: الخَوَارِجُ.
الفِرْقَةُ الثَّالِثةُ: النَّوَاصِبُ. الفِرْقَةُ الرَّابِعَةُ: المُعْتَزِلَةُ.
وَحُجَجُهُم فِي طَعْنِهِم فِي أَصْحَابِ النَّبيِّ مَا يَأْتِي:
أَوَّلاً : وُقُوعُ المَعَاصِي مِن بَعضِ أَصْحَابِ النَّبيِّ.
ثَانياً: قَالُوا: مِنَ الصَّحَابةِ مَنْ هو مُنَافِقٌ بِنَصِّ القُرْآنِ والسُّنَّةِ.
ثَالِثاً : قَالُوا: يَلْزَمُ مِنَ العَدَالَةِ المُسَاوَاةُ فِي المَنْزِلَةِ: وإِذَا كَانَتِ المُسَاوَاةُ فِي المَنْزِلَةِ مَنْفِيةً عِندَنا جَمِيعاً فَكَذَلِكَ العَدَالَةُ تَكُونُ مَنْفِيةً.
رَابِعاً : قَالُوا: لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَىٰ عَدَالَةِ كُلِّ أَصْحَابِ النَّبيِّ.
وخُلاصةُ الجَوَابِ عن هذه الحُجَجِ ما يأتي:
أَمَّا وُقُوعُ المَعَاصِي من بَعْضِهِم!!:
فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ وُقُوعَ المَعَاصِي لَا يَضُرُّ بِعَدَالَتِهِم، وإِنَّمَا نَقُولُ: هُم عُدُولٌ وغَيرُ مَعْصُومِينَ.
وأَمَّا قَولُهُم: «إِنَّ مِنَ الصَّحَابةِ مَنْ هُو مُنَافِقٌ»!!:
فَهَذَا كَذِبٌ، والمُنَافِقُونَ لَيسُوا مِنَ الصَّحَابةِ، فَتَعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ هُو: «مَنْ لَقِي النَّبيَّ وَهُو مُؤْمِنٌ وَمَاتَ عَلَىٰ ذَلِكَ»، والمُنَافِقُونَ لَمْ يَلْقَوا النَّبيَّ مُؤْمِنينَ وَلَا مَاتُوا عَلَىٰ الإِيمَانِ، فَلَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ هَذَا التَّعْرِيفِ».
وَأَمَّا قَولُهُم: «يَلْزَمُ مِنَ العَدَالَةِ أَنْ يَتَسَاوَوا فِي المَنْزِلَةِ»:
فَهَذَا غَيرُ صَحِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ، بَلْ نَحْنُ نَقُولُ عُدُولٌ، وبَعْضُهُم أَفْضَلُ مِن بَعْضٍ فَأَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مِن جَمِيعِ أَصْحَابِ النَّبيِّ، وبَعْدَه عُمَرُ، وبَعْدَه عُثْمَانُ، وبَعْدَه عَلِيٌّ، وبَعْدَه بَقِيَّةُ العَشَرةِ، ثُمَّ يَأْتِي أَهْلُ بَدْرٍ، فَأَهْلُ بَيعَةِ الرّضوانِ وهَكَذَا، فَالقَصْدُ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَا يَتَسَاوونَ فِي الفَضْلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ ٱلَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَى وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ١٠﴾ [الحديد: ١٠].
وَإِذَا كَانَ الأَنْبِياءُ لَا يَتَسَاوون فِي الفَضْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ... ٢٥٣﴾ [البقرة: ٢٥٣]. فَالصَّحَابةُ كَذِلَكَ.
أَمَّا قَولُهُم: «إِنَّه لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَىٰ عَدَالَةِ كُلِّ الصَّحَابةِ»!!:
فَقَد مَرّتْ بَعْضُ الأَدِلَّةِ مِنَ القُرْآنِ والسُّنَّةِ علىٰ عدالتهم.
وَلَا شَكَّ أَنَّهم قَد اسْتَدَلُّوا بِبَعْضِ الأَدِلَّةِ.
وَلَكِن نَحْنُ نَذْكُرُ قَبْلَ ذِكْرِ هَذِه الأَدِلَّةِ قَولَ اللهِ سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو ٱلْأَلْبَابِ ٧﴾ [آل عمران: ٧].
فَالَّذينَ قَالُوا بِعَدَمِ عَدَالَةِ الصَّحَابةِ لَهُم شُبُهَاتٌ مِن كِتَابِ اللهِ، وَلَهُم شُبُهَاتٌ من سُنَّةِ النَّبيِّ. وأخرىٰ من واقعهم.
وفِيمَا يَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ وَالرَّدُّ عَليهَا ودحضُها.