العَدالةُ لُغَةً واصْطِلاحاً:

  العَدالةُ لُغَة: العَدْلُ ضِدُّ الجَوْرِ، يُقالُ عَدَلَ عليه في القَضِيَّةِ فهو عادلٌ، وَبَسَطَ الوَالِي عَدْلَه ومَعْدِلَتَه، ورجل عَدْلٌ؛ أي: رِضا وَمُقْنِعٌ في الشهادةِ. والعَدالةُ: وَصْفٌ بالمَصْدَرِ معناهُ ذو عَدْلٍ، قالَ تعالىٰ: ﴿.. وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ... ٢﴾ [الطلاق: ٢]، وتَعديلُ الشَّيءِ تَقْويمُهُ، يُقالُ عَدَلْتُهُ فاعْتَدَلَ؛ أَي: قَوَّمْتُه فاستقامَ([1]).

  ومنه قولهُ تعالىٰ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا... ١٤٣﴾ [البقرة: ١٤٣]؛ أَي: عَدلاً فالوَسَطُ والعَدْلُ بمعنىٰ واحدٍ([2]).

  واصْطِلاحاً: تَرْجِعُ إلىٰ معنىٰ واحدٍ، وهو أَنَّها مَلَكَةٌ ــــ أي: صِفَةٌ ــــ راسخةٌ في النَّفْسِ تَحْمِلُ صاحِبَها علىٰ مُلَازمةِ التَّقْوىٰ والمُروءةِ.

  وَضَابِطُ التَّقوىٰ: امتثالُ المأْموراتِ، واجْتِنابُ المنْهِياتِ مِنَ الكَبائرِ ظَاهراً، وباطناً مِنْ شِرْكٍ أَو فِسْقٍ أَو بِدْعةٍ.

  وَضابِطُ المُروءة: آَدابٌ نَفسِيَّةٌ تَحْمِلُ صاحِبَها عَلَىٰ التَّحَلّي بالفضائِلِ، والتَّخَلّي عن الرَّذائِلِ، وتَرْجِعُ مَعْرفتها إلىٰ العَرْفِ، وليس المراِدُ بالعُرْفِ هنا سِيرةُ مُطْلَقِ النِاس بلْ الذين نَقْتَدي بهم.

  ولا تَتَحَقَّقُ العدالةُ في الرّاوي إلا إِذا اتَّصَفَ بصفاتٍ خَمسٍ: الإسلامِ، والبلوغِ والعقلِ، والسلامةِ من أسبابِ الفِسْقٍ، والسلامة من خوارمِ المروءةِ([3]).

  وليسَ المقْصودُ مِن العَدْلِ أن يكونَ بَريئاً مِن كُلِّ ذَنْبٍ، وإنَّما المُراَد أن يكونَ الغالبُ عليهِ التَدَيُّن، والتَّحَري في فِعْلِ الطاعاتِ.

  قالَ الإمامُ الشافِعي: «لو كانَ العَدْلُ مَن لا ذَنْبَ له لم نَجِدْ عَدلاً، ولو كان كُلُّ مُذْنِبٍ عَدلاً لم نَجِدْ مَجروحاً، ولكنَّ العَدْلَ مَنْ اجْتَنَبَ الكَبائِرَ؛ وكانتْ مَحاسِنهُ أكثَرَ من مَساويه»([4]).

 

([1])    ينظر: «لسان العرب» (١١/٤٣٠)، و«الصحاح» للجوهري (٥/١٧٦٠ ــــ ١٧٦١)، و«مختار الصحاح» (ص٤١٧)، و«القاموس المحيط» (٤/١٣)، و«المصباح المنير» (٢/٣٩٧).

([2])   «الإحكام» للآمدي (٢/٦٩).

([3])   ينظر: «فتح المغيث» للسخاوىٰ (٣/٣١٥ ــــ ٣١٧)، و«توضيح الأفكار» للصنعاني (٢/١٥، ١١٤ ــــ ١١٨).

([4])   ينظر: «الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم» لابن الوزير اليماني (١/٢٨).