الموقفُ الوَسَطُ مِنْ يزيدَ
21-03-2023
الموقفُ الوَسَطُ مِنْ يزيدَ:
قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمَيّةَ رحمه الله: «النَّاسُ في يَزيدَ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ:
الطائفةُ الأولىٰ: تَتَعَصَّبُ له وتحبُّه، بل تدَّعي فيه النبوةَ والعصمةَ.
الطائفة الثانية: تَتَعَصَّبُ عليه، تبغضُهُ، بل تُكُفِّرُه وَتَرَىٰ أنه كان مُنَافِقاً يُظْهرُ الإسلامَ وَيُبْطِنُ النِّفاقَ وَيَكْرهُ الرَّسولَ، وتَنْسِبُ إِليه ــــ لَمَّا قُتِلَ الحسينُ أو أوقعَ في أهلِ الحرة ما أوقعَ ــــ من الشعر:
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدرٍ شَهِدُوا
جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الأَسَلْ
قَدْ قَتَلْنَا القَرْنَ مِنْ سَادَاتِهم
وَعَدَلْنَاه بِبَدْرٍ فَاعْتَدلْ
وأنه قال:
لَمَّا بَدَتْ تِلك الحمولُ وَأَشْرَفَتْ
تِلك الرُّؤوسُ عَلَىٰ رُبَىٰ جيرونِ
نَعَقَ الغُرَابُ فَقُلت نُحْ أَوْ لَا تَنُحْ
فَلَقَد قَضَيْتُ مِنَ النَّبي دُيوني
ثم قال شيخ الإسلام: وكلا القولينِ باطلٌ، فإنّ الرَّجلَ مَلِكٌ من مُلُوكِ المُسْلمينَ، وَخَلِيفةٌ من الخُلفاءِ المُلوكِ لا هَذَا وَلَا هَذَا.
وَأَمَّا مَقْتَلُ الحُسينِ رضي الله عنه؛ فَلَا رَيبَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلوما شَهِيداً كَمَا قُتِلَ أشباهُهُ منَ المظلومينَ الشهداءِ، وَقَتْلُ الحُسينِ معصيةٌ للهِ وَرَسُولهِ مِمَّن قَتَلَهُ أَوْ أَعَانَ عَلىٰ قَتْلِهِ أَوْ رَضِيَ بذلك، وَهُو مُصيبةٌ أُصِيب بِهَا المُسْلِمُون مِن أَهْلِهِ وَغير أَهْلِهِ، وَهُو فِي حَقِّه شَهَادَةٌ لَهُ، وَرَفْعُ دَرَجةٍ وَعُلوُّ مَنْزِلةٍ»([1]).
وقالَ ابنُ كَثيرٍ رحمه الله: «وَلَيْسَ كُلُّ ذلكَ الجَيْشِ كانَ راضِياً بما وَقَعَ مِنْ قَتْلِهِ، بَلْ ولا يَزيد بنُ مُعاويةَ رضي بذلكَ ـــــ واللهُ أعلمُ ـــــ ولا كَرِهَهُ، والذي يَكادُ يَغْلبُ علىٰ الظَّنِّ أنَّ يَزيدَ لَو قَدِرَ عليهِ قَبْلَ أنْ يُقْتَلَ لعَفا عَنْهُ، كما أوصاهُ أبوهُ، وكما صَرَّحَ هو بِهِ مُخْبراً عَنْ نَفْسهِ بذلك([2]).
قلتُ: وفي وَقْعَةِ الحَرَّةِ أوْصىٰ يزيدُ مُسلمَ بنَ عُقْبَةَ بعليِّ بنِ الحُسَينِ خَيْراً، وأَمَرَهُ ألا يؤْذِيهُ.