• وعندما خَاطَبهم الحسينُ  رضي الله عنه أَشَارَ إلىٰ سابِقَتهِم وفَعْلَتهِم مع أبيهِ وأخيهِ في خطابٍ منه: «وإن لم تفعلوا وَنَقَضْتُم عَهْدَكم، وخَلَعْتُم بيعتي من أعناقِكم، فَلَعَمْرِي ما هي لكم بنكر، لقد فَعَلْتُموها بأبي وأخي وابنِ عمّي مسلمٍ، والمغرورُ مَنِ اغْتَرَّ بكم»([1]). عليُّ بنُ الحُسينِ المعروفُ بزينِ العابدينَ:

  قال مُوَبِّخاً شِيعَتَه الذين خَذَلُوا أباه وقتلوه: «أيُّها الناسُ نَشَدْتُكم باللهِ هَلْ تعلمونَ أَنَّكم كَتَبْتُم إلىٰ أبِي وَخَدَعْتُموه، وأَعطيتموه العَهْدَ والمِيثاقَ والبيعةَ وقاتلتموه وخذلتموه، فتباً لما قَدَّمْتُم لأنفُسِكم، وسوأةً لِرأيِكُم، بأيَّةِ عينٍ تنظرونَ إلىٰ رسول  الله إذ يقول لكم: «قَتَلْتُمْ عِتْرَتي، وانتهكتُم حُرْمَتي، فَلَسْتُم من أُمَّتي». فارتفعتْ أصواتُ النِّساءِ بالبكاءِ من كلِّ ناحيةٍ، وقال بعضُهم لبعضٍ: هَلَكْتُم وما تعلمون. فقال  رضي الله عنه: «رَحِمَ  الله امْرءً قَبِلَ نَصِيحَتي، وحَفِظَ وَصِيَّتي في  الله ورسوله وأهل بيته فإنَّ لنا في رسولِ  اللهِ أُسْوَةً حسنةً. فقالوا بأجمعِهم: نَحْنُ كُلُّنا سامعونَ مُطيعونَ حافِظونُ لِذِمَامِكَ غير زاهدينَ فيك، ولا راغبينَ عنكَ، فَمُرْنا بأمركَ يَرْحَمُكَ  اللهُ، فإنَّا حَرْبٌ لحربكَ، وسِلْمٌ لسلمِكَ، لَنأخُذَنَّ يزيدَ، ونبرأَ ممن ظَلَمَكَ وظَلَمَنا، فقال  رضي الله عنه: «هيهاتَ هيهاتَ أيُّها الغَدَرَةُ المَكَرةُ حِيْلَ بينكم وبين شَهواتِ أنفسِكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم آبائي من قبل؟ كلَّا وَرَبِّ الراقصاتِ، فإن الجُرْحَ لمَّا يَنْدَمِلْ، قُتلَ أبي بالأمسِ وأهلُ بيتهِ مَعَهُ، ولَمْ يُنْسِني ثَكْلَ رسول  الله وآله وثَكْلَ أبي وبني أبي ووجده بين لَهَاتِي وَمرَارَته بين حناجري وحَلْقِي وغَصَّتهَ تَجْرِي في فراشِ صَدْريِ»([2]).

  وعندما مَرَّ الإمامُ زَيْنُ العابِدين  رحمه الله وقد رأىٰ أهلَ الكُوفةِ ينوحون ويبكون، زَجَرَهم قائلاً: «تَنُوحُونَ وَتَبكُون مِن أَجلِنا!! فَمَنِ الذي قَتَلَنا؟»([3]).

 

([1])    «معالم المدرستين» (٣/٧١ ــــ ٧٢)، «معالي السبطين» (١/ ٢٧٥)، «بحر العلوم» (ص١٩٤)، «نفس المهموم» (ص١٧٢)، «خير الأصحاب» (ص٣٩)، «تظلم الزهراء» (ص١٧٠).

([2])   ذكر الطبرسي هذه الخطبة في «الاحتجاج» (٢/٣٢)، وابن طاووس في «الملهوف» (ص٩٢)، والأمين في «لواعج الأشجان» (ص١٥٨)، وعباس القمي في «منتهىٰ الآمال» (١/٥٧٢)، وحسين كوراني في «رحاب كربلاء» (ص١٨٣)، وعبد الرزاق المقرم في «مقتل الحسين» (ص٣١٧)، ومرتضىٰ عياد في «مقتل الحسين» (ص٨٧)، والقزويني في «تظلم الزهراء» (ص٢٦٢).

([3])   «الملهوف» (ص٨٦)، «نفس المهموم» (ص٣٥٧)، «مقتل الحسين» لمرتضىٰ عياد (ص٨٣)، «تظلم الزهراء» (ص٢٥٧).