سَبَبُ الخِلَافِ بينَ الصَّحابةِ
20-03-2023
المبحث الرابع
سَبَبُ الخِلَافِ بينَ الصَّحابةِ رضي الله عنهم
المَشْهُورُ: أنَّ طَلحةَ والزُّبيرَ وعَائِشةَ خَرَجُوا لِلانتقَامِ لِعُثمانَ رضي الله عنه وعَنْهم.
أَمَّا مُعَاويةُ: فَإِنَّ عَليّاً لَمَّا تَولّى الخِلَافةَ عَزَل بعضَ الوُلَاةِ الذين وَلَّاهُمْ عُثمانُ وهم خَالدُ بنُ سعيدِ بنِ العاصِ، ومعاويةُ بن أَبي سفيانَ، فَلَمَّا بَلَغَ العَزْلُ معاويةَ رضي الله عنه رَفَضَ العَزْلَ، وقَالَ: مِمَّن أُعْزَلُ؟ قَالُوا: مِن عَلِيٍّ. قَالَ: وأَينَ قَتَلَةُ ابنِ عَمِّي؟ أَينَ قَتَلةُ عُثمانَ؟ قَالُوا له: بَايِعْ، ثُمَّ طَالِبْ بِقَتَلَةِ عُثمانَ. قَالَ: لَا. بَلْ يُسَلِّمُنِي قَتَلَةَ عُثمانَ، ثُمَّ أُبَايعُه. وَذَلِكَ أَنَّ مُعَاويةَ كَانَ يَرَىٰ أَنَّه علىٰ قُوَّةٍ في الشَّامِ، وأَنَّه لن يُفَرِّطَ بِهذه القُوَّةِ التي تُؤَهِّلُه لِلانتقامِ من قَتَلةِ عُثمانَ، فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ حَتَّىٰ يُقْتَلَ قَتَلَةُ عُثمانَ، وعَلِيٌّ يَقُولُ: تُبَايعُ ثُمَّ يُنْظَرُ في قَتَلَةِ عُثمانَ.
فالاخْتِلَافُ بَينَ عَليٍّ وَمُعَاويةَ هو في أَيِّهمَا قَبْلُ:
فعَليٌّ يَرَىٰ أَنَّ الأَولَىٰ أَنْ يُبَايعَ ثُمَّ بعدَ ذَلِك ينْظرُ في أَمْرِ قَتَلَةِ عُثمانَ عِندَما تَهدَأُ الأُمُورُ ويُسْتَتَبُّ الأَمْنُ.
ومُعَاويةُ كَانَ يَرَىٰ العَكْسَ إِذْ كَانَ يَرَىٰ أَنَّ أَوَّلَ شَيءٍ يَجِبُ عَلِيهم أَنْ يَفْعَلُوه هو قَتْلُ قَتَلَةِ عُثمانَ بعدَ ذَلِكَ النَّظَرُ في مَوضُوعِ الخِلَافةِ.
فَالخِلَافُ بينَ عليٍّ ومُعَاويةَ هو خِلَافُ أَولَويَّاتٍ، وكَانَ رَأْيُ طَلْحةَ والزُّبيرِ مثلَ رَأْي مُعَاويةَ، وَهُو الإِسْرَاعُ بِقَتْلِ قَتَلَةِ عُثمانَ، مَعَ أَنَّ الفَرْقَ بينَ طَلْحةَ والزُّبيرِ من جِهَةٍ ومُعَاويةَ من جِهةٍ أُخْرَىٰ أَنَّ طَلْحةَ والزُّبيرَ بَايعَا، ومُعَاويةَ لم يُبَايِعْ بَعدُ.