هَلْ نَازَعَ مُعَاويةُ عليّاً الخِلَافةَ
20-03-2023
هَلْ نَازَعَ مُعَاويةُ عليّاً الخِلَافةَ؟
عن أَبي مُسْلِمٍ الخولَانيِّ أَنَّه دَخَلَ علىٰ مُعَاويةَ فَقَالَ لَه: أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيّاً، أَأَنْتَ مِثْلَه؟ فَقَالَ مُعَاويةُ: لَا وَاللهِ إِنِّي لأَعْلمُ أَنّ عَلِيّاً أَفْضلُ وأَحَقُّ بِالأَمْرِ، وَلَكِن أَلَسْتُم تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثمانَ قُتِلَ مَظْلُوماً؟ وَأَنَا ابنُ عَمِّه، وأَنَا أَطْلُبُ بدَمِه، فَأْتُوا عَلِيّاً فَقُولُوا لَه فَلْيَدْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثمانَ وأُسَلِّمُ له الأُمُورَ، فَأَتَوا عَلِيّاً فَكَلَّمُوه فَأَبَىٰ عَلَيهِم ولَمْ يَدْفَعِ القَتَلَةَ([1]).
فَمُعَاويةُ لم يَقُلْ إِنَّه خَلِيفةٌ، ولم يُنَازِعْ عَلِيّاً الخِلَافَةَ أَبداً، وَلِذلِكَ لَمَّا تَنَازَعا كَمَا سَيَأْتِي وَصَارَ التَّحْكِيمُ وَكَتَبَ (هذا مَا عَاهَدَ عليه عليٌّ أميرُ المُؤمِنينَ معاويَةَ بنَ أَبي سُفيانَ) قَالَ: لَا تَكْتبْ أَميرَ المُؤْمِنينَ، لَو بَايَعْتُكَ علىٰ أَنَّكَ أَميرُ المُؤمِنينَ مَا قَاتَلْتُكَ، وَلَكِن اسْمَكَ واسْمِي فَقَط، ثمَّ الْتَفَتَ إِلىٰ الكَاتِبِ وقَالَ: اكْتُب اسمَه قَبْلَ اسْمِي لِفَضْلِه وسَابِقَتِه في الإِسْلَامِ([2]). ولم يَكُنِ القِتَالُ بين عَلِيٍّ ومُعَاويةَ قِتَالاً بين خَلِيفةٍ وخَلِيفةٍ أَبداً، وَلَكِنَّ القِتَالَ سَبَبُه أَنَّ عَلِيّاً يُرِيدُ أَنْ يَعزِلَ مُعَاويةَ، ومُعَاويةُ رَافِضٌ لِلْعزلِ حتىٰ يُقْتلَ قَتَلَةُ ابنِ عَمِّه أو يُسَلَّمُون إِليه، فَلَم يَكُنِ الموضُوعُ الخِلَافةَ كَمَا يُشَاعُ.
وكَانَ عَدَدُ جيشِ عليٍّ مئةَ ألفٍ، وَكَانَ عَدَدُ جَيشِ مُعَاويةَ سَبعين أَلفاً، وقُتِلَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ، وكَانَ في جَيشِ عليٍّ، وكَانَ النَّبيُّ قد قَالَ لِعَمَّارٍ: «يا عَمَّارُ، سَتَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيةُ»([3]). قِيلَ للإمام أحمدَ بنِ حَنبل رحمه الله: حَدِيثُ «تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيةُ؟» قَالَ: لَا أَتَكَلَّمُ فيه تَرْكُه أَسْلَمُ، كَمَا قالَ رَسُولُ اللهِ: «قَتَلَتْه الفِئَةُ البَاغِيةُ»، وسَكَتَ([4]).
([1]) «تاريخ الإسلام» (ص٥٤٠)، وسنده صحيح.
([2]) «البداية والنهاية» (٧/٢٨٨).