من كان يرىٰ عدم القتال
20-03-2023
من كان يرىٰ عدم القتال ممن شارك:
٭ عبدالله بْنُ عبّاسٍ: وكانَ مع عليٍّ، فابْنُ عباسٍ نصحَ علياً بِعدَمِ الخروجِ للقِتالِ، فَلمْ يَستجِبْ له. وكان ابنُ عباسٍ يقول لِعَلِيٍّ: سَيَظْهرُ عليكَ معاويةُ ويتلو قولَه تعالىٰ: ﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطنا ٣٣﴾ [الإسراء: ٣٣].
٭ عقبةُ بْنُ عمرو البَدري: اسْتَعملَ عليٌ لما حاربَ معاويةَ علىٰ الكوفَةِ أبا مَسعودٍ، قال: فكانَ يقولُ: ما أوَدُّ أنْ تَظْهَرَ إحدىٰ الطائفتينِ علىٰ الأخرىٰ. قيلَ: فَمَهْ؟ قال: يكونُ بينهم صُلحٌ. فلمّا قدِم عليٌ؛ أخبرَ بقولهِ، فقال: اعتَزِلْ عمَلَنا. قال: ومِمّه؟ قال: إنّا وجدناك لا تَعْقِل عَقْلَه. قال: أمّا أنا فَقَدْ بقي من عَقْلي أنّ الآخرَ شَرٌ. وقال أبو مَسعودٍ: كنتُ رجلاً عزيزَ النفسِ، حميَ الأنفِ، لا يَستقل مِنّي أحدٌ شيئاً، سلطان ولا غيره، فأصبَح أمرائي يخبرونَني بينَ أن أقيمَ علىٰ ما أرْغَمَ أنفي وقَبَّح وجهي، وبينَ أنْ آخذَ سيفي فأضرب، فأدخُل النّار([1]).
٭ الحَسنُ بنُ عليٍّ: فعندَما تأَهَّبَ عليٌ للخروجِ قال له: يا أبَتِ دَعْ هذا، فإنّ فيه سَفْكاً لدماءِ المُسلمينَ، واختلافاً بَيْنَهم. فلمْ يَقْبلْ منه، ثم كرّر له النّصيحةَ عندما انْطلقَ في المسيرِ للقتالِ، فَلمْ يَستجِبْ له، وَخَرَجَ وهو كارِهٌ للقتالِ، لذلك لمّا تولىٰ الخِلافَةَ صالحَ مُعاوية.
قال الدّكتورُ خالد كَبير علّال: «كان أمامَ عليٍّ عدةُ خياراتٍ لتذليلِ تلكَ الصّعابِ، منْها:
ــــ أنّ ابْنَهُ الحسنَ نَصحهُ بالبَقاءِ في المَدينَةِ ولا يغادِرُها حتىٰ تَصِلَهُ بيعةُ كلِّ الأمْصارِ، وفي هذه الحالةِ كانَ في إمْكانِهِ أنْ يُكثّفَ اتصالاتِهِ مع أهْلِ الشّامِ لِوَضْعِ خطَّةٍ مُشتركةٍ للاقتصاصِ من قَتَلةِ عثمانَ، فيزول مُبررُ امتناعِ المطالبيَن بدَمِ عثمانَ كشرطٍ للبيْعَةِ.
ــــ أنَّ طلحةَ والزّبيرَ قد اقْتَرحا عليهِ أنْ يُعينَهما واليَيْنِ ليأتيانِهِ بالعساكِرِ مِنَ البَصْرة والكوفَةِ، فَيَتقوّىٰ بهمْ علىٰ قَتَلَةِ عثمانَ، فَيَقْتَصّ منهم ويَقْطَع دابِرَهم، ولا يَبقىٰ لأهلِ الشّامِ حُجة في عدمِ بَيْعتِهِم لَه.
ــــ وكانَ في مقدورِهِ أيضاً أنْ يُرْسِلَ مَنْ يَثِقُ فيهم إلىٰ الأمْصارِ ليأتوهُ بالجنودِ، فيَتَمَكّن بهمْ مِنْ وضعِ حدٍّ لِشِرْذِمةٍ منَ المُجرمينَ، مَع العِلْمِ أنّ قتالَ هؤلاءِ كما أنّه واجبٌ، فهو ــــ أيضاً ــــ أوْلىٰ وأسهلُ مِن قتالِ أهلِ الشّامِ.
لكنّ الإمامَ علياً اتّبعَ خياراً آخرَ لاعتقادِه أنّ حلَّ قضيةِ أهلِ الشّام هي أسبقُ مِن قضيةِ الاقتصاصِ مِن قتلةِ عُثمانَ، ظناً منهُ أنّ القِتالَ تَحصلُ به الطاعةُ والجماعةُ، لكنّ الأمرَ انْعَكَسَ تماماً، فزادَ الأمرُ شِدَّةً، وتفرّقتِ الأمَّةُ، وضَعُفَ جانب عليٍّ، وتقوّىٰ جانب مَن قاتلَه في نهايةِ الأَمْرِ، كلُّ ذلكَ جَعلهُ في نهايةِ المَطافِ يُظْهِرُ ندَمهُ علىٰ ما حصلَ، ويُسارع إلىٰ قبولِ وقْفِ القتالٍ في مَوقِعةِ صفّينَ، ويَغبِطُ الذينَ اعْتَزلوا الفِتْنَة»([2]).