رأي المقاطعين للقتال
20-03-2023
رأي المقاطعين للقتال:
٭ سعدُ بْنُ أبي وقّاص: عَن حُسينِ بْنِ خارجَةَ الأشْجعيِّ قال: لما قُتلَ عثمانُ؛ أَشْكَلَت علي الفِتْنَةِ، فقلتُ: اللَّهم أرِني مِنَ الحقِّ أمراً أتَمَسّكُ به، فرأيتُ في النّومِ الدُّنيا والآخرةَ بينهُما حائطٌ، فَهَبطتُّ الحائطَ، فإذا بِنَفَرٍ، فقالوا: نَحنُ الملائكةُ، قلت: فأيْنَ الشّهداءُ؟ قالوا: اصْعدِ الدَّرجاتِ، فَصعدْتُ دَرجةً ثم أخرىٰ، فإذا محمدٌ وإبراهيمَ ــــ صلىٰ الله عليهما ــــ، وإذا محمدٌ يقول لإبراهيم: اسْتَغْفِر لأمّتي. قال: إنَّكَ لا تدْري ما أحدَثوا بَعْدَكَ، إنهم أهراقوا دماءَهمْ، وقَتلوا إمامَهُمْ، ألا فَعلوا كما فَعَلَ خَليلي سَعْدٌ؟ قال: قلتُ: لَقَدْ رأيتُ رؤيا، فأتَيتُ سعداً فَقَصَصْتُها عليه، فما أَكْثَرَ فَرَحاً، وقال: قَدْ خَابَ مَنْ لَم يكنْ إبراهيمُ عليه السلام خليلَهُ. قلت: مَعَ أيِّ الطّائفتين أنتَ؟ قال: ما أنا مَعَ واحدٍ منهُما. قُلْتُ: فما تأْمُرني؟ قال: هلْ لكَ مِنْ غَنَمٍ؟ قلتُ: لا. قال: فاشْتَرِ غَنَماً، فَكُنْ فيها حتىٰ تَنْجَلي([1]).
٭ أبو موسىٰ الأشعري: عن أَبَي وائِلٍ شقيق بن سلمة قال: لَمّا قُتِلَ عُثمان، قال أَبو موسَىٰ: إِنَّ هَذِهِ الفِتنَةَ فِتنَةٌ باقِرَةٌ كَداءِ البَطنِ، لَا يُدرَىٰ أَنَّىٰ نُؤتَىٰ، تأتيكُم مِن مأمَنِكُم وتَدَعُ الحَليمَ كانَّهُ ابنُ أَمسِ، قَطِّعوا أَرحامَكُم وانتَصِلوا رِماحَكُم([2]).
٭ أسامة بن زيد: التقىٰ أسامةُ بنُ زيدٍ بعليٍّ، قالَ له عليٌّ: ما كُنَّا نَعدُّكَ إلا مِنْ أنفُسِنا يا أسامةُ، فلِمَ لا تَدْخلُ معنا؟ فقالَ أسامةُ: يا أبا الحسنِ، إنّك واللهِ لَو أخذتَ بِمِشْفَرِ الأسدِ؛ لأَخذْتُ بِمِشْفَرِهِ الآخرِ حتىٰ نَهْلَكَ جميعاً أو نَحْيا جميعاً، فأمّا هذا الأمرُ الذي أنْتَ فيه؛ فواللهِ لا أدْخُلُ فيهِ أبداً([3]).
وفي رواية: عن حَرمَلَةَ قال: أَرسَلَني أُسامَةُ إِلَىٰ عَلي، وقال: إِنَّهُ سَيَسأَلُكَ الآنَ فَيَقولُ: ما خَلَّفَ صاحِبَكَ؟ فَقُل لَهُ: يَقولُ لَكَ: لَو كُنتَ في شِدقِ الأَسَدِ لأحبَبتُ أَن أَكونَ مَعَكَ فيهِ، ولَكِنَّ هَذا أَمرٌ لَم أَرَهُ([4]).
٭ عبدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ: َعنْ عبدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ قال: نَهَىٰ عبدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ عَلِياً عَنْ خُروجِهِ إلىٰ العِراقِ، وَقالَ: الْزَمْ مِنبرَ رَسولِ اللهِ ﷺ، فإنْ تَرَكْتَهُ لا تراهُ أبداً. فقالَ عليٌّ: إنهُ رجلٌ صالحٌ مِنَّا([5]).
٭ وَهْبانُ بنُ صيفي: َعن عديسةَ ابنةِ وهبانَ بنِ صيفي: أنّها كانتْ معَ أبيها في منزِلهِ، فَمِرَضَ فأفاقَ مِنْ مَرضِهِ ذلك، فقامَ عليُ بْنُ أبي طالبٍ بالبَصرةِ، فأتاهُ في مَنزلهِ حتىٰ قامَ علىٰ بابِ حُجرَتهِ، فَسَلَّمَ وَردَّ عليهِ الشيخُ السّلامَ، فقالَ له عليٌّ: كيفَ أنتَ يا أبا مُسْلم؟ قال: بخَيْرٍ. فقالَ عليٌّ: ألا تَخرجُ مَعي إلىٰ هؤلاء القومِ فَتُعينني؟ قال: بلىٰ إنْ رضيتَ بما أعطيكَ. قال عليٌّ: وما هو؟ فقالَ الشّيخُ: يا جاريةُ، هاتِ سَيْفي. فَأخْرَجَتْ إليهِ غِمْداً فَوضعَتْهُ في حِجْرِهِ، فاستلَّ منهُ طائِفةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إلىٰ عليٍّ رضي الله عنه، فقالَ: إنّ خليلي وابْنَ عمِّكَ عَهِدَ إليَّ إذا كانتْ فتنةٌ بَيْنَ المُسلمينَ أنْ أتخِذْ سَيفاً مِنْ خَشَبٍ، فهذا سَيْفي، فإنْ شِئْتَ خَرَجْتُ به مَعك. فقال علي رضي الله عنه: لا حاجةَ لنا فيك، ولا في سَيْفِكَ. فَرَجَعَ من باب الحُجْرَةِ ولم يَدْخلْ([6]).
٭ مُحَمّدُ بنُ مَسْلَمةَ: قالَ الحسنُ: إنَّ عَلياً بَعثَ إلىٰ محمّدِ بْنِ مَسْلمةَ، فَجيء بهِ، فقال: ما خَلّفكَ عنْ هذا الأمرِ؟ قال: دفعَ إليَّ ابنُ عمِّكَ ــــ يعني النَّبي ﷺ ــــ سَيفاً فقال: قاتلْ بهِ ما قوتِلَ العَدُوُ، فإذا رأيْتَ الناسَ يَقتُلُ بَعْضُهم بعضاً، فاعْمَدْ بهِ إلىٰ صَخْرَةٍ فاضربْهُ بها ثُمّ الْزمْ بَيْتَك، حتىٰ تأتيكَ مَنِيَّةٌ قاضِيةٌ أو يَدٌ خاطئةٌ. قال: خَلّوا عَنْه([7]).
٭ الحَكَم بْنُ عَمْرو الغِفاري: َعن أبي حاجِبٍ، قالَ: كُنْتُ عِنْد الحَكَمِ الغِفاري، إذْ جاءه رَسولُ عَليٍّ رضي الله عنه، فقال: إنَّ أَميرَ المؤمنينَ يقول: إنّك أحقُّ مَنْ أعانَنا. قال: إنّي سَمِعتُ خليلي ﷺ يقول: «إذا كان الأمرُ هكذا اتّخذْ سيفاً مِنْ خَشَبٍ»([8]).
٭ أبو بَكْرةَ الثّقفي: عن الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ قال: ذَهَبتُ لأَنصُرَ هَذا الرَّجُلَ ــــ يعني علياً ــــ فَلَقيني أَبو بَكرَةَ فَقال: أَينَ تُريدُ؟ قُلتُ: أَنصُرُ هَذا الرَّجُلَ. قال: ارجِع، فإنّي سَمِعتُ رَسولَ الله ﷺ يَقولُ: إِذا التَقَىٰ المُسلِمانِ بِسَيفَيهِما فالقاتِلُ والمَقتولُ في النّارِ. قُلتُ: يا رَسولَ الله هَذا القاتِلُ، فَما بالُ المَقتولِ؟ قال: إِنَّهُ كانَ حَريصاً عَلَىٰ قَتلِ صاحِبِهِ([9]).
٭ أهْلُ المَدينةِ: نَدَبَ عليٌ أهلَ المدينةِ للخروجِ مَعهُ للقتالِ فلمْ يوافِقوه، وأبَوا الخروجَ مَعهُ، فكلّم عبد اللهِ بنَ عمرَ للخروجِ معه، فقال: أنا رجلٌ مِنَ المدينةِ. ثمّ كرَّرَ عليهمْ دَعْوتهُ للسّيرِ معهُ عندما سَمِعَ بخروجِ أهلِ مَكّةَ إلىٰ البَصْرَةِ، فتَثاقَلَ عَنْهُ أكثرُهم، واستَجابَ له ما بَيْنَ أربَعَةٍ إلى سَبْعَةٍ مِنَ البَدْريينَ([10]).
([1]) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٤/٤٩٩).
([2]) «مصنف ابن أبي شيبة» (١٥/٢٢٦).
([3]) أخرجه نعيم في «الفتن» (٤٢٤).
([5]) «الإصابة في تمييز الصحابة» (٤/١١٩)، وقال الحافظ ابن حجر: «سنده جيد».
([7]) أخرجه أحمد (٥/٢٢٥)، وصححه الألباني بمجموع طرقه في «السلسلة الصحيحة» (١٣٨٠).
([8]) «المستدرك على الصحيحين» (٣/٥٠٠)، وسكت عنه الذهبي، «سير أعلام النبلاء» (٢/٤٧٥)، وفيه محمد بن أبي السري يهم كثيراً.