كيف قُتِلَ عُثمانُ رضي الله عنه دونَ أن يدافعَ عنه أَحَدٌ مِنَ الصَّحابةِ
20-03-2023
كيف قُتِلَ عُثمانُ رضي الله عنه دونَ أن يدافعَ عنه أَحَدٌ مِنَ الصَّحابةِ؟
التَّعليلُ الأَوَّلُ: أَنَّ عُثمانَ هو الذي عَزَمَ عليهم بِهذا فَأَمَرَهُم أَنْ يُغمِدُوا سُيُوفَهُم ونَهَاهُم عَنِ القِتَالِ، واسْتَسْلَمْ لِقَضَاءِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَىٰ وقَدَرِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ علىٰ أَمْرَينِ اثنَينِ:
الأَوَّلُ : شَجَاعةُ عُثمانَ.
والثَّاني: رَحْمَتُه بأُمَّةِ مُحَمَّدٍ؛ لأَنَّه أَدْرَكَ أَنَّ أولئك أَعْرَابٌ أَجْلَافٌ وأَنَّهُم مُفْسِدُونَ، فَرَأَىٰ أَنَّه لو قَاتَلَهُمُ الصَّحَابةُ لَكَانَتِ المَفْسَدَةُ أَعْظَمَ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ وَاحدٍ، وَلَرُبَّمَا انْتَهَىٰ الأمْرُ إِلَىٰ قَتْلِ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ الصَّحَابةِ، وقَدْ يَتَعَدَّوْنَ إلىٰ انْتِهَاكِ الأَعرَاضِ، وانْتِهَابِ الأَمْوَالِ، فَرَأىٰ أنَّ المَصْلَحةَ أَن يُقْتلَ هو وَلَا يُقْتَلَ أَحَدٌ من أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ، ولا تُهْتَكُ حُرمةُ مَدينةِ رَسُولِ اللهِ.
التَّعليلُ الثَّاني: أَنَّ عَدَدَ الصَّحابةِ كانَ أَقلَّ بكثيرٍ من عَدَدِ أُولئك الخَوَارجِ، فإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ كَانُوا عَلَىٰ أرْبَعةِ أَمَاكِنَ:
١ ــــ مَكَّةُ؛ لأنَّ المَوسِمَ كانَ مَوسِمَ حَجٍّ، وقد خَرَجَ الكَثِيرونَ لِلحَجِّ، ولم يَكُونُوا حَاضِرينَ.
٢ ــــ بعضُ أصحابِ النَّبيِّ تَمَصَّرُوا الأَمْصَارَ، عَاشُوا في الكُوفةِ، والبَصْرةِ، ومِصْرَ، والشَّامِ، وغَيرِهَا مِنَ البلادِ.
٣ ــــ أن بعضهم كان في الجهادِ.
٤ ــــ هم الذين كَانُوا في المَدِينةِ، ولم يَكُن عَدَدُهم مُكَافِئاً لعددِ أُولئك الخَوَارجِ.
التَّعليلُ الثَّالثُ: أَنَّ الصَّحابةَ بَعَثُوا أَولَادَهم للدِّفَاعِ عن عُثمانَ، ومَا كَانُوا يَتَصَوَّرُونَ أنَّ الأَمْرَ يَصِلُ إلىٰ القَتْلِ، وإِنَّمَا حِصَارٌ وعِنَادٌ، وبعدَ ذَلِكَ يَرْجِعُونَ، أَمَّا أَنَّهُم يَتَجَرَّؤُونَ ويَقْتُلُونَ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ فَكَانَ بعضُ الصَّحابةِ لا يَرَىٰ أَنَّ الأَمْرَ سَيصِلُ إِلَىٰ هذه الدَّرجةِ.
وأَرْجَحُ هذه الأَقْوَالِ الأَوَّلُ، وهو أَنَّ عُثمانَ رضي الله عنه هو الذي مَنَعَهُم من قِتَالِ أولئك الخَوَارجِ استسلاماً لبشرىٰ رسول الله.