المأْخَذُ الثَّامنُ والتَّاسعُ والعاشرُ: لم يَحضرْ بَدْراً، وفَرَّ يومَ أُحُدٍ، وغابَ عن بَيْعةِ الر
20-03-2023
المأْخَذُ الثَّامنُ والتَّاسعُ والعاشرُ: لم يَحضرْ بَدْراً، وفَرَّ يومَ أُحُدٍ، وغابَ عن بَيْعةِ الرِّضوانِ:
والرَّدُ علىٰ هذه الشبهة ما أخرجه البخاري: عن عُثمانَ بنِ مَوهبٍ قَالَ: جَاءَ رجلٌ من أهلِ مِصرَ فَقَالَ: مَنِ القَومُ؟ قالوا: قُرِيشٌ. قال: مَنِ الشَّيخُ فِيكُم؟ قالوا: عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ. فَجَاءَ لِعبدِ الله بنِ عُمَرَ، فَقَال: يا ابنَ عُمَرَ إِني سَائِلُك عن شَيءٍ فَحَدِّثْنِي عنه. هلْ تَعْلَمُ أنَّ عُثمانَ فَرَّ يومَ أُحُدٍ؟ قال: نَعَمْ. فقال: هل تَعْلَمُ أنه تَغَيَّبَ عن بَدْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قال: هل تَعْلَمُ أنه تَغَيَّبَ عن بيعةِ الرّضوَانِ؟ قَالَ: نَعَم. فقال المِصْريُّ: اللهُ أَكبرُ ــــ يعني: ظَهَر الحقُّ الذي يُريدُه ــــ. فَقَالَ له عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبيِّنُ لك: أَمَّا فِرَارُه يومَ أُحُدٍ، فَأَشْهدُ أَنَّ اللهَ عفا عنه وغَفَرَ له كما قَالَ تَبَاركَ وتَعَالَىٰ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ١٥٥﴾ [آل عمران: ١٥٥].
وأمَّا تَغَيّبُه عن بَدْرٍ، فإنه كَانَ تَحْتَه بنتُ رسولِ اللهِ وكانت مَرِيضةً، فقال النَّبيُّ: «إنَّ لك أجرَ رَجُلٍ مِمَّن شَهِدَ بدراً وسَهْمَه».
وأمَّا تغيّبُهُ عن بَيعةِ الرّضوانِ، فلو كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ ببطنِ مَكَّةَ من عُثمانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَه([1])، فَبَعَثَه الرَّسولُ، وكَانَت بيعةُ الرّضوانِ بعدَمَا ذَهَبَ عُثمانُ إلىٰ مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله بيدِه اليُمْنَىٰ: «هذه يَدُ عُثمانَ» فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بها الآنَ مَعَكَ([2]).
ويُلاحَظُ هنا أنَّ تَغَيبهُ عن بدرٍ وفرارَهُ يومَ أُحدٍ وعدمَ حضورِهِ بيْعةَ الرّضوانِ إنّما كانَ زمنَ النّبي ﷺ وليس زَمنَ خِلافتِهِ حتىٰ يُعاب عليه.
([1]) أي: لَبَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ بدلاً مِن عُثْمَانَ؛ لأن النبيَّ أرسله لأهلِ مَكَّةَ حتّىٰ يبينَ لهم أنَّ النَّبِيَّ ﷺ إنّما جَاءَ ليؤديَّ عُمرَتَهُ ﷺ، وحدثت بيعةُ الرضوانِ بعدما ذهب عُثْمَانُ إلىٰ مَكَّةَ ولَـمْ يكن حاضراً وإنّما ذهبَ بأمرِ النَّبِيِّ ﷺ إلىٰ مَكَّةَ، فبيعةُ الرضوانِ ما تمّتْ إلا انتقاماً لعُثْمَانَ لما بلغ النَّبِيَّ ﷺ أنَّ عُثْمَانَ قد قُتلَ، فبايع النَّبِيُّ ﷺ بيعةَ الرضوانِ أصحابَه علىٰ الِانْتِقَامِ لعُثْمَانَ رضي الله عنه إنْ كانَ قد صحَّ قتلُهُ.