المأخذُ السَّابعُ: الإتمامُ في السَّفرِ
20-03-2023
المأخذُ السَّابعُ: الإتمامُ في السَّفرِ:
صَلَّىٰ الرَّسُولُ في السَّفرِ ركعتينِ، وصَلَّىٰ أبو بكرٍ في السَّفرِ ركعتين، وصَلَّىٰ عُمَرُ في السَّفرِ ركعتين، وصَلَّىٰ عُثمانُ صَدراً من خِلَافَتِه في السَّفرِ ركعتين، ثمَّ أَتمَّ في السَّفرِ.
والجَوابُ هو: أوَّلاً: هذه مسألةٌ فِقْهِيَّةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ اجْتَهَدَ فيها عُثمانُ فَأَخْطأَ فَكَانَ ماذا؟ هَذا إِذا كَانَ قد أَخْطَأَ فِعْلاً. وهل هذا الأَمْرُ يُبيحُ دَم عُثمانَ؟ ومَن المَعْصُومُ غيرُ رَسُولِ الله؟ ثمُّ إنّ في هذه المَسألةِ خِلَافاً بين أهلِ العِلْمِ وأكثرُ أهلِ العِلْمِ علىٰ أنّ القَصْرَ في الصَّلاةِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ([1])، فإذا كانَ عُثَمانُ فَعَلَ شيئاً فهو أنَّه تَرَكَ المُسْتَحَبَّ فقط، وفَعَلَ الجَائِزَ، أو تَرَكَ الرُّخْصَةَ وفَعَلَ العَزِيمةَ.
أمّا لماذا أَتَمَّ عُثمانُ؟ فقد قيل لأحدِ أمرينِ:
١ ــــ لأنَّه تَأَهَّلَ ــــ أي: تَزَوّجَ ــــ في مَكَّةَ، فَكَانَ يَرَىٰ أنه في بَلدِه ولذلك أَتَمَّ هناك.
٢ ــــ إنَّه خَشِي أن يُفتنَ الأعْرابُ ويَرْجِعوا إلىٰ بِلَادِهم فَيَقْصِرُونَ الصَّلاةَ هناك، فأَتَمَّ حتىٰ يُبَيِّنَ لهم أن أَصلَ الصَّلاةِ أربعُ ركعاتٍ، والعِلْمُ عندَ اللهِ تَبَاركَ وتَعَالَىٰ.
ولمّا أَتَمَّتْ عائشةُ في السَّفرِ قَالُوا لِعُروةَ: مَاذَا أَرَادَتْ عَائِشةُ؟ قال: تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوّلَ عُثمانُ رضي الله عنهم، فالقَصْدُ أنَّ عُثمانَ تَأَوَّلَ([2]).
([1]) وبه قالَ مالكٌ، والشافعيُّ، والأوزاعيُّ، وأحـمدُ. «المغني» (٢/٥٤).
([2]) جاء في كتاب «الكافي» للكليني (٤/٥٢٤) عن أبي عَبْدِ الله جَعْفَر الصَّادِق: أنّ الإتمامَ أفضلُ في الحرمين.