توسعة المسجد الحرام:

  قامَ عمرُ  رضي الله عنه بتوسعةِ الحرمِ المكِّي، كما أَجْرَىٰ فيه بعضَ الإصْلاحات، ففي السنة السابعة عشرة (١٧هــ) تَعَرَّضَ المسجدُ الحرام لسيلٍ عارمٍ، فاقْتَلَعَ حَجَرَ المقامِ منْ مَكانه، وذهبَ به إلىٰ أسفل مكة، ثُمَّ أُتيَ به وأُلصِقَ بالكعبة، فقَدِمَ عمرُ  رضي الله عنه مكةَ معتمراً في رمضان تلك السنة، وتَحَرَّىٰ بدِقَّةٍ مكانَ حجر المقام، فأعادَه إليه بإِحْكام([1])، ثم عملَ عليه مَقْصورةً([2]) ومنْ ناحيةٍ أُخرىٰ فقد وَسَّعَ عُمَرُ  رضي الله عنه المسجدَ الحرامَ، إذْ اشترىٰ الدورَ المحيطةَ به وهَدَمَها، وزادَ في مَساحَتِه وبعدَ ذلك أقامَ حولَه جِداراً قصيراً دُونَ القامَةِ، فكانتْ المَصابيحُ تُوضَعُ عَليْه([3]) أمَّا الكعبةُ فقدْ كَساها القباطي، وهي أقْمِشَةٌ مَصْنُوعَةٌ من الكُتَّانِ أو الصُّوفِ أو الحريرِ أو خليطٌ منه([4]).

 

([1])    ذكر ابن حجر أن حجر المقام كان ملتصقاً بالبيت قبل عهد عمر  رضي الله عنه منذ زمن إبراهيم، وكان كذلك في زمن النبي  ﷺ وأبي بكر  رضي الله عنه، فكان أول من حوله عن مكانه عمر  رضي الله عنه، أخرجه عبد  الرزاق في «مصنفه» بسند صحيح عن عطاء وغيره، ولم تنكر الصحابة فعل عمر ولا من جاء بعدهم فصار إجماعاً، وكان عمر رأىٰ أن إبقاءه يلزم منه التضييق علىٰ الطائفين أو علىٰ المصلين فوضعه في مكان يرتفع به الحرج». «فتح الباري» (٨/١٦٩).

([2])   «فتح الباري» لابن حجر (٨/١٦٩).

([3])   «فتوح البلدان» للبلاذري (ق١/٥٣)، «أخبار مكة» للأزرقي (٢/٦٩).

([4])   «تاريخ عمارة الحرم المكي» لفوزية مطر (ص٨٩)، حاشية (٤).