من قصيدة بانت سعاد: كأنَّ أَوْبَ ذِرَاعَيْهَا إذا عَرِقَتْ ... وقدْ تَلَفَّعَ بِالقُورِ العَسَاقِيلُ
16-02-2023
كأنَّ أَوْبَ ذِرَاعَيْهَا إذا عَرِقَتْ ... وقدْ تَلَفَّعَ بِالقُورِ العَسَاقِيلُ
أَوْبُ ذرَاعَيْها: رَجْعُ يدَيْها في السيرِ، إذا عَرِقَتْ وقتَ الهاجرةِ عندَ اشتدادِ الحرِّ.
والقُورُ: جمعُ قَارَةٍ، وهوَ كلُّ موضعٍ مرتفعٍ من الأرضِ لا يَبْلُغُ أنْ يكونَ جبلاً. والعَسَاقِيلُ: السَّرَابُ. وقولُهُ: تَلَفَّعُ بالقُورِ العَسَاقِيلُ، تَلَفَّعَ: تَفَعَّلَ من اللِّفَاعِ، نحوُ تَنَقَّبَ من النِّقَابِ، أيْ صارَ السَّرَابُ للقُورِ بمنزلةِ اللِّفَاعِ لها، وذلكَ يكونُ وقتَ الهاجرةِ، واللِّفَاعُ اللِّثَامُ، والتقديرُ: وقدْ تلَفَّعَتِ القُورُ بالعَسَاقِيلِ، فَقَلَبَ كما قالَ الآخرُ:
.......... ... كأنَّنا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلا
أيْ يَرْفَعُهُ الآلُ، فجعلَ الفاعلَ مفعولاً، والمفعولَ فاعلاً، على ما ذكَرَهُ ابنُ قُتيبةَ في (أدبِ الكَاتبِ): والجَيِّدُ في قولِهِ: يَرْفَعُ الآلَ، ما خطرَ لي منْ مَعْنَاهُ، وما كُنْتُ أُظْهِرُهُ إلى أنْ رَأَيْتُ أبا عَلِيٍّ الفَارِسِيَّ ذهبَ إلى ما خطرَ لي منْ مَعْنَاهُ، فَأَثْبَتَ، وذلكَ أنَّهُ لمْ يُرِدِ القلبَ في قَوْلِهِ: يَرْفَعُ الآلا، بلْ هوَ تحقيقٌ؛ لأنَّ الآلَ يصيرُ فوقَ الرَّعْنِ من القُفِّ، ألا ترى أنَّهُ شَبَّهَ الجيشَ بالرَّعْنِ، والجيشُ يعْلُوهُ بريقُ البِيضِ والسلاحِ كما يَعْلُو الآلُ هذا القُفَّ فلا يحتاجُ إلى القلبِ، كما ذكَرَهُ ابنُ قُتيبةَ.