يا ليتني كنت صاحب الحفرة
14-03-2023
في الطريق إلىٰ هذه الغزوة مات عبد الله ذو البجادين، فعن عبد الله بن مسعود قال: قمت من جوف الليل، وأنا مع رسول الله ﷺ في غزوة تبوك، فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر، فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر، وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات، وإذا هم قد حفروا له ورسول الله ﷺ في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول: «أدنيا إليَّ أخاكما». فدلياه إليه، فلما هيأه لشِقّه([1]) قال: «اللَّهم إني قد أمسيت عنه راضياً، فارض عنه». يقول عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب الحفرة([2]).
وقال ﷺ: «إن في المدينة لأقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم». قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: «حبسهم العذر»([3]).
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: حدثنا عن ساعة العسرة. فقال عمر: خرجنا إلىٰ تبوك في قيْظ شديد، فنزلنا منزلاً فأصابنا به عطش، حتىٰ ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتىٰ إن الرجل لينحر بعيره فيعتصر فرثه فيشربه، ثم يجعل ما بقي علىٰ كبده. فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله إن الله عوّدك في الدعاء خيراً، فادع الله لنا. قال رسول الله ﷺ: «أتحب ذلك؟». قال: نعم. فرفع رسول الله ﷺ يديه إلىٰ السماء فلم يرجعهما. فقالت السماء([4])، فأطلت ثم سكبت، فملؤا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر، فلم نجدها جازت العسكر([5]).
([1]) أي وضعه الوضع الصحيح في القبر.
([2]) أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/122).
([3]) أخرجه البخاري (4423)، ومسلم (1911)، من حديث جابر رضي الله عنه.