قال رجل لعدي بن حاتم: حديث بلغني عنك أحب أن أسمعه منك.

قال عدي: نعم. لما بلغني خروج النبي ﷺ كرهت خروجه كراهية شديدة، فخرجت حتىٰ وقعت ناحية الروم، فقدمت علىٰ قيصر، فكرهت مكاني هذا أشد من خروجه([1])، ثم قلت: فوالله لو أتيت هذا الرجل، فإن كان كاذباً فلن يضرني وإن كان صادقاً علمت، فأتيته فلما قدمت قال الناس: عدي ابن حاتم، عدي بن حاتم، فدخلت علىٰ رسول الله ﷺ فقال لي: «يا عدي بن حاتم، أسلِم تسلَم، أسلم تسلم، أسلم تسلم». قال: قلت: إني علىٰ دين. قال النبي ﷺ: «أنا أعلم منك بدينك منك». فقلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: «نعم، ألست من الرَّكوسِية وأنت تأكل مرباع قومك؟». قلت: بلىٰ. قال: «فإن هذا لا يحل لك في دينك». قال: فلم يعد أن قالها فتواضعت لها.

فقال: «أما إني أعلم أن الذي يمنعك من الإسلام تقول: إنما اتبعه ضعفة الناس، ومن لا قوة له، وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة؟».

قلت: لم أرها، وقد سمعت بها. قال: «فوالذي نفسي بيده، ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتىٰ تخرج الظعينة من الحيرة، حتىٰ تطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولَتَفتحنّ كنوز كسرىٰ بن هرمز». قال: قلت: كسرىٰ بن هرمز؟!. قال: «نعم. كسرىٰ بن هرمز، وليبذلنّ المال حتىٰ لا يقبله أحد».

قال عدي بعد وفاة النبي ﷺ بمدة: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة تطوف في البيت من غير جوار([2])، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرىٰ بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله ﷺ قد قالها([3]).

فقال عدي: فإني حنيف مسلم، فانبسط وجه النبي ﷺ فرحاً، وأمر له برجل من الأنصار([4])، فصار يأتي النبي ﷺ طرفي النهار حتىٰ اعتنق الإسلام، واتبع النبي ﷺ.

 

([1])             وقد كان نصرانياً.

([2])            أي لا تخاف.

([3])            أخرجه أحمد (4/257)، وأصله في البخاري (3595).

([4])            أي ليضيفه.