وقفة تربوية
14-03-2023
وفي طريقهم إلىٰ حنين، وقعت حادثة مهمة لابد من التنبيه عليها ألا وهي: أن الذين كانوا مع النبي ﷺ فيهم حدثاء عهد بجاهلية، وفي الطريق مروا علىٰ سدرة عظيمة، يقال لها: ذات أنواط، وكانت العرب تعلّق عليها أسلحتها تبركاً لينتصروا، فلما وصل الجيش إلىٰ السدرة، قالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال النبي ﷺ: «الله أكبر، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسىٰ لموسىٰ: ﴿ ٱجْعَلْ لَنَا إِلـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ إنها السّنن، لتركبن سَنَن من كان قبلكم»([1]).
هذا الحديث العظيم يبين لنا قضية مهمة، ألا وهي: إنه لابد من تطهير الصف، مما قد يؤثر فيه مستقبلاً، فالنبي ﷺ لم يقل: إننا الآن ذاهبون إلىٰ قتال، لا بأس نعطيكم ذات أنواط بعد ذلك، أو سكت علىٰ مضض ولم يرد عليهم إلىٰ أن تنتهي المعركة، أبداً. بل وقف ﷺ وقفة القائد الناصح، أوقف الجيش، وقال لهم ما ذكرنا سابقاً.
فلا يجوز أن يقال: المهم أنه مسلم في ظاهره بغض النظر عن معتقده أو فكره فهذا كلام باطل، بل لابد من تصفية الصفوف وتنقيتها وتركيز الإيمان في والاعتقاد الصحيح في قلوب الناس، ثم بعد ذلك يكون القتال ومن ثَمّ يأتي النصر من عند الله تبارك وتعالىٰ.
([1]) أخرجه أحمد (21897)، والترمذي (2180)، من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه.