وفي اليوم الثاني، قام رسول الله ﷺ خطيباً فقال: «أيها الناس، إن الله حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلىٰ يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله وباليوم الآخر أن يسفك فيها دماً أو يعضد بها شجرة، فإن أحدٌ ترخص لقتال رسول الله ﷺ فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما حلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلّغ الشاهد الغائب».

وقال ﷺ عن الحرم: «لا يُعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا تُلتقط ساقطته إلّا من عرّفها([1])، ولا يُختلىٰ خلاه». فقال العباس: إلا الإذخر([2])، فإنه لقينهم([3]) وبيوتهم. فقال رسول الله ﷺ: «إلا الإذخر».

فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه، فقال: اكتب لي يا رسول الله. فقال: «اكتبوا لأبي شاه»([4]).

وفي دخول النبي ﷺ مكة لفتحها دليل علىٰ جواز دخول مكة بغير إحرام؛ لأنه لم يدخل محرماً، فمن أراد دخول مكة لحج أو عمرة فلا يجوز له الدخول إلا محرماً. أما من أراد دخولها من غير حج أو عمرة فقد ذهب كثير من أهل العلم إلىٰ أنه يجوز أن يدخلها بدون إحرام كسائق الأجرة أو من أراد تجارة أو زيارة مريض، وذهب آخرون إلىٰ أنه لابد أن يحرم.

وقد أقام النبي ﷺ بمكة تسعة عشر يوماً يصلي ركعتين ويُفطر.

 

([1])             كمن يجد ديناراً أو درهماً.

([2])            نوع من أنواع النباتات.

([3])            قبورهم.

([4])            أخرجه البخاري (112) ومسلم (1355).