فرّ عكرمة إلىٰ اليمن وركب البحر مع قوم فأصابهم عاصف([1])، فقال أصحاب السفينة: أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا.

سبحان الله! في وقت السعة يدعون الآلهة، وفي وقت الشدائد لا يدعون إلا الله، قال تعالىٰ: ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: 63]. أما في وقتنا هذا؛ فإن المشركين ممن ينتسبون إلىٰ الإسلام إذا اشتدت بهم الأمور أشركوا بالله وسألوا غيره سبحانه وتعالى؛ فلا شك أن المشركين في ذلك الزمان أحسن حالاً منهم اليوم. ولذلك قال بعض أهل العلم: «مشركو الزمان الأول أهون من مشركي زماننا»([2]).

فهنا عكرمة تنبه لكلمة أصحاب السفينة وقال: لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص فما ينجيني في البر غيره، اللَّهم إن لك عليّ عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه أني آتي محمداً حتىٰ أضع يدي في يده فلأجدنّه عفواً كريماً، فنجاه الله.

فجاء إلىٰ النبي ﷺ فأسلم، فقبل منه ﷺ إسلامه([3]).

 

([1])             ريح في البحر.

([2])            انظر: «شرح كشف الشبهات» لابن عثيمين (ص76).

([3])            أخرجه النسائي (4067).