من قصيدة بانت سعاد: تَمُرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النخلِ ذا خُصَلٍ ... في غَارِزٍ لمْ تَخَوَّنْهُ
16-02-2023
تَمُرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النخلِ ذا خُصَلٍ ... في غَارِزٍ لمْ تَخَوَّنْهُ الأَحَالِيلُ
أيْ: تُمِرُّ ذَنباً مثلَ عَسيبِ النخلِ، والخُصَلُ: جمعُ خُصْلَةٍ من الشعرِ. والغَارِزُ: ها هنا الضَّرْعُ، وأصْلُهُ منْ قولِهِم: غَرَزْتُ الناقةَ وغيْرَها، إذا قَلَّ لبَنُها، وأكثرُ ما يُستعملُ في الأُتُنِ، كما قالَ الشَّمَّاخُ:
كأنَّ قُتُودِي فوقَ جَأْبٍ مُطَرَّدٍ من الحَقْبِ لاحَتْهُ الْجدَاءُ الغَوَارِزُ
شَبَّهَ ناقَتَهُ بحمارِ الوحشِ. والجَأْبُ: الصُّلْبُ الغليظُ. والمُطَّرِدُ: الذي قدْ طَرَدَتْهُ القُنَّاصُ، والحَقْبُ: جمعُ أحْقَبَ وحَقْبَاءَ، وهوَ الذي في موضعِ حَقْوَيْهِ بياضٌ. لاحَتْهُ: غَيَّرَتْهُ، والجدَاءُ جمعُ جَدَّاءَ، وهيَ التي قد انقطعَ لبَنُها، والغَوَارِزُ: جمعُ غَارِزٍ.
وقولُهُ: (لمْ تَخَوَّنْهُ الأَحَالِيلُ)، تَخَوَّنَهُ: تَنَقَّصَهُ، يُقَالُ تَخَوَّنَهُ إذَا تعَهَّدَهُ. وفي الحديثِ: كانَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يتَخَوَّلُنَا بالموعظةِ مخافةَ السَّآمَةِ علَيْنَا؛ أيْ: يتَعَهَّدُنَا، وَيُرْوَى: يَتَخَوَّنُنَا، ويُرْوَى: يَتَخَوَّلُنا.
وقالَ ذُو الرُّمَّةِ في أنَّ التَّخَوُّنَ في معنى العَهْدِ، يصفُ الغزالَ:
لا يَنْعَسُ الطَّرْفُ إلاَّ مَا تَخَوَّنَهُ دَاعٍ يُدَانِيهِ باسمِ المِاءِ مَبْغُومُ
قولُهُ: (باسْمِ المِاءِ) بكسرِ الميمِ؛ لأنَّهُ أرادَ حكايَةَ صوتِ الظَّبْيَةِ وهوَ يقولُ: مَا مَا. والمبغومُ من البُغَامِ وهوَ صَوْتُهَا.
وقولُهُ: (لمْ تَخَوَّنْهُ الأَحَالِيلُ)، جمعُ إحليلٍ، وهوَ الموضعُ الذي يخرجُ منهُ اللَّبَنُ، يقولُ: لمْ تَنْقُصْهُ الأحاليلُ، يعني: أنَّهُ قدْ يَبِسَ لبَنُها فلا تَضْعُفُ لذلكَ، وإذا كانَت الناقةُ حَائِلاً لا تُحْلبُ كانَ أقْوَى لها على السيرِ، والهاءُ في (لمْ تَخَوَّنْهُ) راجعةٌ إلى الغَارِزِ الذي هوَ الضَّرعُ ها هنا، والمرادُ بهِ الناقةُ.