وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي ﷺ بذات الرقاع، فأتينا علىٰ شجرة ظليلة تركناها للنبي ﷺ، فنـزل الرسول ﷺ، فتفرق الناس في العضاة([1]) يستظلون بالشجر، ونـزل رسول الله ﷺ تحت شجرة فعلّق فيها سيفه، قال جابر: فنمنا نومة، فجاء رجل من المشركين فاخترط سيف رسول الله ﷺ، ثم قال: أتخافني؟ فقال ﷺ ــ وهو الذي سمع قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ﴾ [المائدة: 67] ــ: «لا». قال: فمن يمنعك مني؟ قال: «الله». قال جابر: فإذا رسول الله ﷺ يدعونا، فجئنا فإذا عنده أعرابي جالس، فقال ﷺ: «إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتاً، فقال: فمن يمنعك مني؟ قلت: الله». فإذا هو ذا جالس، ثم لم يعاتبه ﷺ([2]).

وفي رواية أخرىٰ عند أبي عوانة: أن النبي ﷺ لما قال له: «الله يمنعني منك» سقط السيف من يد الأعرابي، فأخذه رسول الله ﷺ فقال له: «من يمنعك مني؟» فقال الأعرابي: كن خير آخذ. فقال النبي ﷺ: «تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله»؟ قال الأعرابي: أعاهدك ألّا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. قال: فخلىٰ سبيله، فجاء الأعرابي إلىٰ قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس.

ولاشك أنه خير الناس ﷺ إيماناً بالله وتوكلاً وثقةً، ثم بعد ذلك كله العفو عند المقدرة. وهذا الأعرابي اسمه: غورث بن الحارث.

 

([1])             أي في أماكن النبت.

([2])            أخرجه البخاري (4136)، ومسلم (843).