أحداث في الحديبية
13-03-2023
الحادثة الأولىٰ: حادثة كعب بن عُجرة رضي الله عنه، قال: وقف عليّ رسول الله ﷺ بالحديبية ورأسي يتهافت منه قمل، فقال النبي ﷺ: «أيؤذيك هوامّك؟» وكان محرماً. قلت: نعم. فقال النبي ﷺ: «فاحلق رأسك». وقال: وفيَّ نزلت هذه الآية: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱعْلَمْوا أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ﴾ [البقرة: 196] فقال النبي ﷺ: «صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفَرَق([1]) بين ستة، أو انسك بما تيسر([2])»([3]).
الحادثة الثانية: مسألة عقدية، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: صلىٰ لنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح بالحديبية علىٰ إثْر سماء([4]) كانت من الليلة، فلما انصرف أقبل علىٰ الناس، وقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال الله: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب»([5])؛ لأنه نسب إنزال المطر إلىٰ شيء ليس بسبب أصلاً وهو الكوكب، فالأمر كله لله.
ويفرق أهل العلم بين مُطِرْنا بنوء كذا أو مُطِرْنا في نوء كذا فإذا قال: مطرنا بنوء كذا «بالباء السببية»؛ فهذا هو الشرك والعياذ بالله. وأما إذا قال مطرنا في نوء كذا فهذا ليس بشرك إن كان يقصد أنه مطرنا في نوء كذا «في الظرفية» أي في الوقت الذي كان فيه النجم الفلاني في المكان الفلاني نزل المطر؛ فهذا لا بأس به، فهنا ثلاثة أحوال:
1 ــ إذا اعتقد أن النجم هو الذي أنزل المطر، فهذا شرك أكبر.
2 ــ إذا اعتقد أن النجم سبب في نزول المطر، فهذا شرك أصغر؛ لأن السبب إما أن يكون شرعياً أو طبيعياً، وهو هنا ليس كذلك.
3 ــ إذا اعتقد أن المطر نزل في الوقت الذي كان فيه النجم في هذا المكان، فهذا جائز لا بأس به.
الحادثة الثالثة: قال أبو المليح: قد رأيتنا مع الرسول ﷺ يوم الحديبية وأصابتنا سماء لم تَبُلَّ أسافل نعالنا، فنادىٰ منادي رسول الله ﷺ: صلوا في رحالكم. فمن سنة الصلاة إذا نزل المطر أن المنادي ينادي: «الصلاة في الرحال»، أي البيوت، وذلك بدل قوله: «حي علىٰ الصلاة».
الحادثة الرابعة: وقعت آيات للنبي ﷺ، فمنها ما ذكرناه من وضع السهم، وكذلك ما ذكره الإمام البخاري في صحيحه([6]) عن جابر رضي الله عنه قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله ﷺ بين يديه رِكوة([7])، فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه، فقال الرسول ﷺ: «ما لكم؟». قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما في ركوتك. قال: فوضع النبي ﷺ يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه ﷺ كأمثال العيون. قال جابر: فشربنا وتوضأنا. فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مئة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مئة، يعني ألف وخمسمئة.