قال حذيفة رضي الله عنه: رأيتنا مع الرسول ﷺ ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقر([1])، فقال رسول الله ﷺ: «ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟». فسكتنا ولم يجبه منا أحد، ثم قال: «ألا رجل يأتينا بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟». فسكتنا فقال: «قم يا حذيفة فائتني بخبر القوم». قال: فلم أجد بُداً إذ دعاني باسمي أن أقوم. قال: «اذهب وائتني بخبر القوم، ولا تذعرهم عليَّ»([2])، فلما وليت من عنده جعلت، كأنما أمشي في حمّام([3]) ما أشعر بالبرد. وهذا تثبيت من الله عز وجل. قال: حتىٰ أتيتهم فرأيت أبا سفيان يَصْلي ظهره بالنار([4])، فوضعت سهماً في كبد القوس وأردت أن أرميه، فتذكرت قول الرسول ﷺ: «لا تذعرهم عليّ»، ولو رميته لأصبته.

سبحان الله! فالله أراد لأبي سفيان أن يَسْلَم ويُسْلم.

قال: فرجعت وأنا أمشي أيضاً في مثل الحمّام، فلما أتيت أخبرته بخبرهم، فلما فرغت قررت([5])، فألبسني رسول الله ﷺ من فضل عباءة كانت عليه يُصَلِّي فيها، فلم أزل نائماً حتىٰ أصبحت، فلمّا أصبحت قال: «قم يا نومان([6])»([7]).

 

([1])             أي برد.

([2])            أي لا تهيجهم، فقط انظر وارجع.

([3])            الحمام: هو المكان الذي يغتسل فيه الناس، وكانت موجودة بالشام، وهو غير الخلاء الذي تسميه العرب بالحُش.

([4])            يعني يتدفأ.

([5])            أي: بردت.

([6])            أي: كثير النوم.

([7])            أخرجه مسلم (1788).