الحرب خدعة
13-03-2023
جاء نعيم بن مسعود إلىٰ النبي ﷺ، وقال: يا رسول الله، إني أسلمت وأريد أن أقاتل معك. فقال: هل علم أحد بإسلامك؟ قال: لا. قـال: فخـذّل عنّا ما استطعت. فقال: نعم. فذهب نعيم بن مسعود لبني قريظة من الداخل، فقال لهم: يا قوم إنّ قريشاً قوم غدر، وإنهم إذا انتصروا علىٰ محمد وأخذوا ما يريدون خرجوا وتركوكم، ثم ينتقم منكم أهل المدينة.
قالوا: لا، سيقفون معنا، وعاهدونا عن طريق حيي بن أخطب. قال: أنا لا أرىٰ إلا أن تأخذوا منهم فدية تضمنون بها حقكم. قالوا: وما هي؟ قال: اطلبوا منهم أن يعطوكم عشرة من أولادهم حتىٰ إذا غدروا قتلتموهم، ولن يغدروا خوفاً علىٰ أولادهم. قالوا: فكرة صائبة.
ثم ذهب إلىٰ قريش، وقال لهم: إنكم تعلمون أن اليهود قوم غدر، وإنهم سيغدرون بكم. قالوا: كيف؟ قال: سمعتهم يتكلمون، يقولون: إننا سنأخذ عشرة من قريش ونعطيهم لمحمد؛ لنثبت له حسن نوايانا وأننا صادقون، وأننا معه.
فالتقت قريش مع اليهود، فقالت اليهود لقريش: أعطونا عشرة من أولادكم حتىٰ نضمن حقنا، فقالت قريش في أنفسها: نعم يريدون العشرة ليسلموهم لمحمد. فقالوا: لا لن يكون هذا. قالت اليهود في أنفسها: نعم قريش تريد أن تغدر بنا، ولذلك لا تعطينا العشرة، ففتَّ الله تبارك وتعالىٰ ما كان بينهم من عهد ونصر رسوله ﷺ([1]).
عند ذلك خذلت قريظةُ قريشاً، وخذلت قريش قريظة، واستمر الحصار، ثم أرسل الله تبارك وتعالىٰ جنوداً من عنده، عبارة عن ريح عظيمة أرسلها الله تبارك وتعالىٰ عليهم فتركوا أماكنهم، ورجعوا إلىٰ بلادهم خائبين.
([1]) انظر: «السيرة» لابن هشام (2/229 ـــ 230) «تاريخ الطبري» (2/578).