العودة إلىٰ الدعوة
12-03-2023
رجع النبي ﷺ مرة أخرىٰ إلىٰ الدعوة إلىٰ الله تبارك وتعالىٰ، فلم يصبر كفار قريش، وانطلقوا إلىٰ أبي طالب قائلين له: ليكفَّ عنا ابن أخيك لسانه. فجاء أبو طالب وجاء معه نفر من قريش، فكلموا النبي ﷺ وقالوا له: ماذا تريد منا؟ قال: «أريد كلمة تعطونها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم» قالوا: كلمة؟! قال: «كلمة». فقام أبو جهل وقال: وأبيك أعطيك مئة كلمة. فقال النبي ﷺ: «قولوا لا إله إلا الله». فقال أبو جهل: أما هذه فلا.
هذه الكلمة لا نعطيكها أبداً، أتريد أن تجعل الآلهة إلهاً واحداً يا محمد؟ فأنـزل الله تبارك وتعالىٰ: ﴿صٓ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ َلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ ٱلْآلِهَةَ إِلـٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَٱنْطَلَقَ ٱلْمَلَأَ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُوا وَٱصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ٱلْمِلَّةِ ٱلْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا ٱخْتِلَاقٌ﴾ [ص: 1 ــ 7].
نرىٰ أن كفار مكة امتنعوا عن قول: لا إله إلا الله، فلم لم يقولوا للنبي ﷺ: «لا إله إلا الله»، ثمّ بعد ذلك يبقون علىٰ دينهم الذي هم عليه؟ لأن أبا جهل، وعتبة، و عقبة بن أبي معيط، والوليد بن المغيرة، وأبا لهب، وغيرهم كثير؛ كل هؤلاء يعلمون علم اليقين معنىٰ «لا إله إلا الله»، وملايين المسلمين الآن في زماننا هذا لا يعرفون معنىٰ هذه الكلمة، أبو جهل يعلم أنه إذا قال: «لا إله إلا الله» أنه سيلتزم بها، وأنه سيترك جميع الأصنام، وأنه لن يدعو إلا الله، ولن يذبح إلا لله، ولن ينذر إلا لله، ولن يخاف إلا من الله، ولن يستغيث إلا بالله، ولن يصلي إلا لله، ولن يطوف إلا لله، ولن يطيع إلا الله ورسوله. يعلم ما يترتب علىٰ هذه الكلمة، ولكن الكثير من المسلمين الآن يقولون: «لا إله إلا الله»، ولكنهم يذبحون لغير الله، وينذرون لغير الله، ويخافون من غير الله، ويستغيثون بغير الله، ويسألون غير الله تبارك وتعالىٰ، وهذا كله بسبب الجهل.