أُوحي للنبي ﷺ وبُشر ﷺ، ثم انقطع الوحي مدة ثم عاد إليه مرة ثانية بعد ثلاثة أعوام وتسمىٰ هذه الفترة فترة «النبوة» قبل الرسالة وصار ﷺ يدعو المقربين منه إلىٰ دين الله تبارك وتعالىٰ، فكان أول من أسلم مع النبي ﷺ من النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان علي بن أبي طالب، ومن الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، ومن العبيد بلال بن رباح.

عن همام بن الحارث، عن عمّار بن ياسر، قال: رأيت رسول الله ﷺ وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر! وأسلم علىٰ يدي أبي بكر الصديق: الزبير بن العوام، عثمان بن عفان، طلحة بن عبيد الله، سعد بن أبي الوقاص، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم([1]).

وعن عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله ﷺ في أول ما بعث وهو في مكة وهو حينئذ مُستَخْفٍ فقلت: ما أنت؟ قال: «أنا نبي» قلت: وما النبي؟ قال: «أرسلني الله». قلت: آلله أرسلك؟ قال: «نعم». قلت: بم أرسلك؟ قال: «بأن تعبد الله وحده لا شريك له وتكسر الأصنام وتصل الأرحام». قال: قلت: نِعْمَ ما أرسلك به، فمن اتبعك علىٰ هذا؟ قال: «حر وعبد». قال: فكان عمرو بعد ذلك يقول: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام. قال: فأسلمت. قلت: فأتبعك يا رسول الله؟ قال: «لا، ولكن الحق بقومك فإذا أُخبرت أني قد خرجت فاتبعني»([2]).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت غلاماً يافعاً أرعىٰ غنماً لعقبة بن أبي معيط بمكة فأتىٰ عليَّ رسول الله ﷺ وأبو بكر وقد استخفيا من المشركين فقالا: «يا غلام هل عندك من لبن تسقينا؟». قلت: إني مؤتمن ولست بساقيكما. فقال: «هل عندك من جَذَعة لم يَنْزُ عليها الفحل؟([3])». قلت: نعم. فأتيتهما بها، فاعتقلها أبو بكر، وأخذ رسول الله ﷺ الضرع ودعا، فحفل الضرع، وأتاه أبو بكر بصخرة متقعرة، فحلب فيها، ثمّ شرب هو وأبو بكر، ثمّ شربت، ثمّ قال للضرع: «اقلص». فقلص([4]) كما كان، فلما كان بعدُ أتيت رسول الله ﷺ فقلت: علمني من هذا القول([5]). فقال ﷺ: «إنك غلام معَلّم». فأخذتُ من فيه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد([6]).

 

([1])             أخرجه البخاري (3660، 3857).

([2])            أخرجه مسلم (832).

([3])            لم يجامعها الفحل فليس فيها لبن.

([4])            أي: رجع.

([5])            يعني القرآن.

([6])            أخرجه أحمد (3598).