ذكر ابن كثير  قصة عبد الله بن مُطيعٍ وأصحابه، وأنهم مشوا إلى محمد بن الحنفية وهو ابن عليِّ بن أبي طالب، أخو الحسن والحسين من أبيهما فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم.

قال ابن مطيع: إن يزيد بن معاوية يشرب الخمر، ويترك الصلاة.

فقال محمد: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبًا على الصلاة، متحريًا للخير، يسأل عن الفقه، ملازمًا للسُّنة.

قالوا: إنَّ ذلك كان منه تصنعًا لك.

قال محمد بن الحنفية: ما الذي خافه مني أو رجاه؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يطلعكم فما يحلُّ لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا.

قالوا: إنه عندنا لحق، وإن لم نكن رأيناه.

قال محمد بن الحنفية: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، ثم قرأ عليهم قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: 86]([1]).

وكذا ما نُقل عن يزيد أنه قال بعد مقتل الحسين:

ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا                      جزعَ الخزرج من وقع الأسل

وقتلنا الضعف من ساداتهم                وعدلنا ميل بدر فاعتدل

ولعت هاشم بالملك فلا              خبر جاء ولا وحي نزل([2])

فهذا أيضًا لم يثبت عنه، فالفسقُ الذي نُسب إلى يزيد في شخصه كشرب خمر، أو ملاعبة قردة، أو فحش، أو ما شابه ذلك؛ لم يثبت عنه بسند صحيح، فهذا لا نصدّقه، والأصل السلامة، ونقول: عِلـمُه عند ربي ´، ولكن ظاهر رواية محمد بن الحنفية أنه لم يكن فيه شيء من ذلك، فالعلم عند الله تبارك وتعالى في حال يزيد، وهذا لا يهمنا، فهو بينه وبين ربه تبارك وتعالى.

 

 

([1])     البداية والنهاية (8/236).

([2])    نقله الطبري في تاريخه (5/623)، عن المعتضد الخليفة العباسي في أحداث سنة (284هــ).