الخاتمة
09-03-2023
تَبَيَّنَ مِنْ رِوايَةِ أبي سَعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه، وَبَعْدَ النَّظَرِ في طُرُقِ حَديثِ عائِشَةَ رضي الله عنها، وَمِنْ خِلالِ الجَدْوَلِ أنَّ صالِحاً وَشُعَيْباً وَعُقَيْلاً وَمَعْمَراً مِنْ أوْثَقِ مَنْ رَوَى عَن الزُّهْري، وَهُمْ مُتَقارِبونَ جِدّاً.
وأمّا رِوايَةُ الوَليدِ فَلا تَعْويلَ عَلَيْها لِضَعْفِهِ. ورواية عبدالرحمن مقبولة.
وَعَلَيْهِ فإنَّ الَّذي أراهُ أنَّ الاضْطِرابَ الَّذي وَقَعَ في هَذا الحَديثِ إِنَّما هو بِسَبَبِ الزُّهْري، وَعَلَيْهِ يَكونُ الزُّهْري حَدَّثَ بِهَذا الحَديثِ أكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَفي أكْثَرِ مِنْ مَجْلِسٍ، وَكانَ يُعَلِّقُ وَيَشْرَحُ وَيُضيفُ، فَيَظُنُّ البَعْضُ أنَّهُ مِن الحَديثِ، فَيُضيفُهُ إِلى عائِشَةَ رضي الله عنها، وَرِوايَةُ مَعْمَرٍ ظاهِرَةٌ في ذَلِكَ جِدّاً.
وَبِناءً عَلى ذَلِكَ يَكونُ ما ذُكِرَ مِنْ غَضَبِ فاطِمَةَ وَهَجْرِها لأبي بَكْرٍ وَعَدَمِ مُبايَعَةِ عَليٍّ مُدْرَجاً مِنْ كَلامِ الزُّهْريِّ وَلَيْسَ مِنْ كَلامِ عائِشَةَ.
وَيَزيدُ هَذا بَياناً ما جاءَ مِنْ حَديثِ أبي هُرَيْرَةَ، وَفيهِ أنَّهُ ذَكَرَ الامْتِناعَ عِن الكَلامِ فَقَطْ، وَلَيْسَ فيهِ ذِكْرُ الهَجْرِ وَلا الغَضَبِ. وَقَدْ مَرَّ بِنا تَفْسيرُ التِّرْمِذي لِقَوْلِها: «واللهِ لا أُكَلِّمُكُما». أيْ في الميراثِ مَرَّةً ثانيةً، مِمّا يَدُلُّ عَلَى قَبولِها، واللهُ أعْلَمُ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلى نَبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِه وسَلَّم.