رواية البيهقي:

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّدٍ عَبْدُاللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِالجَبّارِ بِبَغْدادَ، أخْبَرَنا إِسْماعيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفّارُ، حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ مَنْصورٍ، حَدَّثَنا عَبْدُالرَّزّاقِ، أخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَن الزُّهْري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ  رضي الله عنها: أنَّ فاطِمَةَ والعَبّاسَ  رضي الله عنهما أتَيا أبا بَكْرٍ يَلْتَمِسانِ ميراثَهُما مِنْ رَسولِ الله ، وَهُما حينَئِذٍ يَطْلُبانِ أرْضَهُ مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ، فَقالَ لَهُما أبو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسولَ الله  يقول: «لا نورَثُ، ما تَرَكْنا فَهو صَدَقَةٌ، إِنَّما يأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذا المالِ». واللهِ إِنّي لا أدَعُ أمْراً رأيْتُ رَسولَ الله  يَصْنَعُهُ بَعْدُ إِلّا صَنَعْتُهُ.

قالَ: فَغَضِبَتْ فاطِمَةُ  رضي الله عنها وَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى ماتَتْ. فَدَفَنَها عَلِيٌّ  رضي الله عنه لَيْلاً وَلَمْ يُؤْذِنْ بِها أبا بَكْرٍ  رضي الله عنه. قالت عائِشَةُ  رضي الله عنها: فَكانَ لِعَلي  رضي الله عنه مِنَ النّاسِ وَجْهٌ حَياةَ فاطِمَةَ  رضي الله عنها، فَلَمّا توفّيتْ فاطِمَةُ  رضي الله عنها انْصَرَفَتْ وُجوهُ النّاسِ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ.

قالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِلزُّهْري: كَمْ مَكَثَتْ فاطِمَةُ بَعْدَ النَّبي ؟ قالَ: سِتَّةَ أشْهُرٍ. فَقالَ رَجُلٌ لِلزُّهْري: فَلَمْ يُبايِعْهُ عَلي حَتَّى ماتَتْ فاطِمَةُ  رضي الله عنها. قالَ: وَلا أحَدٌ مِنْ بَني هاشِمٍ.

رَواهُ البُخاري في الصَّحيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ مَعْمَرٍ. وَرَواهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحاقَ بْنِ راهَوَيْهِ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِالرَّزّاقِ. وَقَوْلُ الزُّهْري في قُعودِ عَلي عَنْ بَيْعَةِ أبِي بَكْرٍ  رضي الله عنه حَتَّى توفّيتْ فاطِمَةُ  رضي الله عنها مُنْقَطِعٌ، وَحَديثُ أبِي سَعيدٍ  رضي الله عنه في مُبايَعَتِهِ إياهُ حينَ بويِعَ بَيْعَةَ العامَّةِ بَعْدَ السَّقيفَةِ أصَحُّ. وَلَعَلَّ الزُّهْري أرادَ قُعودَهُ عَنْها بَعْدَ البَيْعَةِ، ثُمَّ نُهوضَهُ إِلَيْها ثانياً وَقيامَهُ بِواجِباتِها، واللهُ أعْلَمُ.