رواية معمر عن الزهري - رواية المروزي
09-03-2023
رواية المروزي:
حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ عَلي، قالَ: حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُالرَّزّاقِ، قالَ: أرَنا مَعْمَرٌ، عَن الزُّهْري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ: أنَّ فاطِمَةَ والْعَبّاسَ أتَيا أبا بَكْرٍ رضي الله عنه يَلْتَمِسانِ ميراثَهُما مِنْ رَسولِ الله ، وَهُما حينَئِذٍ يَطْلُبانِ أرْضَهُ مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ، فَقالَ لَهُما أبو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسولَ الله يَقولُ: «لا نورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ، إِنَّما يأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هَذا الْمالِ».
وإنّي واللهِ لا أدْعُ أمْرًا رأيْتُ رَسولَ الله يَصْنَعُهُ فيهِ إِلّا صَنَعْتُهُ. قالَتْ: فَهَجَرَتْهُ فاطِمَةُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ في ذَلِكَ حَتَّى ماتَتْ. فَدَفَنَها عَلي رضي الله عنه لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْذَنْ بِها أبو بَكْرٍ. قالَتْ: فَكانَ لِعَلي رضي الله عنه وَجْهٌ مِن النّاسِ حَياةَ فاطِمَةَ رضي الله عنها، فَلَمّا توفّيتْ فاطِمَةُ انْصَرَفَتْ وُجوهُ النّاسِ عَنْ عَلي، فَمَكَثَتْ فاطِمَةُ سِتَّةَ أشْهُرٍ بَعْدَ رَسولِ الله ﷺ ثُمَّ توفّيتْ.
قالَ مَعْمَرٌ: فَقالَ رَجُلٌ لِلزُّهْري رحمه الله: فَلَمْ يُبايِعْهُ سِتَّةَ أشْهُرٍ؟ قالَ: لا، وَلا أحَدٌ مِنْ بَني هاشِمٍ حَتَّى بايَعَهُ عَلي. قالَ: فَلَمّا رأى عَلي انْصِرافَ وُجوهِ النّاسِ عَنْهُ ضَرَعَ إِلَى مُصالَحَةِ أبي بَكْرٍ، فأرْسَلَ إِلَى أبي بَكْرٍ رضي الله عنه: ائْتِنا وَلا تأتِنا بِأحَدٍ مَعَكَ. وَكَرِهَ أنْ يأتيهُ عُمَرُ لِما عَلِمَ مِنْ شِدَّةِ عُمَرَ. فَقالَ عُمَرُ: لا تأتِهِمْ وَحْدَكَ.
فَقالَ أبو بَكْرٍ: واللهِ لآتينَّهُمْ وَحْدي؛ وَما عَسَى أنْ يَصْنَعوا بي؟ فانْطَلَقَ أبو بَكْرٍ فَدَخَلَ عَلَى عَلي رضي الله عنه، وَقَدْ جَمَعَ بَني هاشِمٍ عِنْدَهُ، فَقامَ عَلي فَحَمِدَ اللهَ وأثْنَى عَلَيْهِ بِما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمّا بَعْدُ، فإنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنا أنْ نُبايِعَكَ يا أبا بَكْرٍ إِنْكارٌ لِفَضيلَتِكَ، وَلا نَفاسَةٌ عَلَيْكَ لَخَيْرٍ ساقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنّا كُنّا نَرَى أنَّ لَنا في هَذا الْأمْرِ حَقّاً فاسْتَبْدَدْتُمْ عَلَيْنا.
ثُمَّ ذَكَرَ قَرابَتَهُ مِنْ رَسولِ الله ﷺ وَحَقَّهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ ذَلِكَ حَتَّى بَكَى أبو بَكْرٍ. فَلَمّا صَمَتَ عَلي تَشَهَّدَ أبو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللهَ وأثْنَى عَلَيْهِ بِما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمّا بَعْدُ، فَواللهِ لَقَرابَةُ رَسولِ الله ﷺ أحَبُّ إِلَيَّ أنْ أصِلَ مِنْ قَرابَتي، وإنّي واللهِ ما ألَوْتُ في هَذِهِ الْأُمورِ الَّتي كانَتْ بَيْني وَبَيْنَكُمْ عَنِ الْخَيْرِ، وَلَكِنّي سَمِعْتُ رَسولَ الله يَقولُ: «لا نورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ، إِنَّما يأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هَذا الْمالِ». وإنّي واللهِ لا أذْكُرُ أمْرًا صَنَعَهُ فيهِ إِلّا صَنَعْتُهُ إِنْ شاءَ اللهُ. ثُمَّ قالَ عَلي رضي الله عنه: مَوْعِدُكَ الْعَشيةَ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمّا صَلَّى أبو بَكْرٍ رضي الله عنه الظُّهْرَ أقْبَلَ عَلَى النّاسِ، ثُمَّ عَذَرَ عَلياً رضي الله عنه بِبَعْضِ ما اعْتَذَرَ بِهِ. ثُمَّ قامَ عَلي فَذَكَرَ مِنْ حَقِّ أبي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَذَكَرَ فَضيلَتَهُ وَسابِقَتَهُ، ثُمَّ مَضَى إِلى أبي بَكْرٍ فَبايَعَهُ. قالَ: فأقْبَلَ النّاسُ إِلَى عَلي فَقالوا: أصَبْتَ وأحْسَنْتَ.