صبر فاطِمَةُ
09-03-2023
لَقيتْ رضي الله عنها مِن المَصاعِبِ والمِحَنِ ما يَعْجَزُ عَن الصَّبْرِ عَلَيْهِ الكَثيرونِ؛ فَقَدْ أُصيبَتْ بِأبيها وأمِّها وأخَواتِها؛ فإنَّهُمْ جَميعاً ماتوا قَبْلَها، فَحَزَنَتْ عَلَيْهِمْ حُزْناً شَديداً، وَصَبَرَتْ عَلى فِراقِهِمْ.
وأمّا حُزْنُها عَلى أبيها صَلَواتُ رَبّي وَسَلامُهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ كانَ لَهُ مِن العِظَمِ والشِّدَّةِ ما لا يَعْلَمْ بِهِ إِلّا اللهُ تَبارَك وَتَعالى، حَتّى إِنَّها مَرِضَتْ بِسَبَبِهِ، وَهي الوَحيدَةُ الَّتي أُصيبَتْ بِهِ مِنْ بَناتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
يَقولُ ابْنُ حَجَرٍ رحمه الله: «فإنَّهُنَّ مُتْنَ في حَياتِهِ فَكُنَّ في صَحيفَتِهِ، وَماتَ هو في حَياتِها فَكانَ في صَحيفَتِها»([1]). وَبَقي ذَلِكَ الحُزْنُ يُلازِمُها حَتّى إِنَّها لم تُرَ ضاحِكَةً بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ([2]).
كَما صَبَرَتْ وَتَحَمَّلَتْ في خِدْمَةِ زَوْجِها وأوْلادِها الشَّيْءَ الكَثيرَ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَها أحَدٌ يَخْدُمُها، فَكانَتْ تَقومُ بِالعَمَلِ كُلِّهِ حَتّى أثَّرَ ذَلِكَ فيها.
([2]) أَخْرَجَهُ الطَّبَراني في «الكَبيرِ» (22/399)، وأبو نُعَيْمٍ في «الحِلْيَةِ» (2/43) عَنْ أَبي جَعْفَرٍ.