إذا تيمم المسلم ثم حضر الماء؛ فإنه لا يخلو من ثلاث حالات:

الحالة الأولىٰ: أن يحضر الماء قبل أن يشرع في الصلاة، ففي هذه الحالة يبطل التيمم، ولا يجوز له أن يصلي بذلك التيمم، ويجب عليه أن يتوضأ؛ لقول النبي ﷺ: «فليمسه بشرته».

الحالة الثانية: أن يحضر الماء وهو في أثناء الصلاة، فالصحيح أنه تفسد الصلاة؛ لأن الماء حضر، والتيمم يفسد، وبالتالي يرجع مُحْدثاً كما كان، فيلزمه أن يتوضأ ثم يعيد تلك الصلاة.

الحالة الثالثة: أن يحضر الماء بعد الانتهاء من الصلاة؛ فلا يجب عليه أن يعيد تلك الصلاة، لكن بحضور الماء فسد تيممه، ووجب عليه أن يتوضأ للصلاة التي تليها.

وقد ثبت عن النبي ﷺ؛ أنه خرج اثنان من أصحابه فأدركتهما الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما وصليا، وبعد انقضاء الصلاة وجدا الماء، فأحدهما توضأ وأعاد الصلاة، والآخر لم يعد الصلاة، فلما رجعا إلىٰ النبي ﷺ سألاه، فقال ﷺ للذي أعاد الصلاة: «لك الأجرُ مرتين»، وقال للذي لم يُعدْ: «أصبت السُّنَّة»([1]).

أما الأول فله الأجر مرتين؛ لأنه أخذ الأجر الأول بصلاته الأولىٰ التي صلاها، وأما الأجر الثاني فأخذه لأنه اجتهد فأخطأ، وقد ثبت عن النبي ﷺ من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه قال: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر»([2]).

وأما الثاني فقال له النبي ﷺ: «أصبت السُّنَّة»، ولا شك أن إصابة السُّنَّة أفضل، فالأفضل أن لا يعيد الصلاة.

وفي هذا الحديث دليل علىٰ أنه له أن يعيد الصلاة، وذهب بعض أهل العلم إلىٰ أن هذا لا يجوز بعد قول النبي ﷺ: «أصبت السُّنَّة»، فدل علىٰ أن عدم الإعادة هو السُّنَّة، وأن إعادتها خلاف السُّنَّة، والأول أقرب.

 

([1])    أخرجه أبو داود (338).

([2])   أخرجه البخاري (6919)، ومسلم (1716).