الخمس والزكاة
07-03-2023
أخي أُخَيَّتي: هل تدفعون الزكاة؟ هل طُلِبتْ منكم؟ هل تعرفون نصابها؟
إن الخمس الذي تدفعونه إنما شرع في الجهاد، ويؤخذ من الكفار، وهذا ما ترويه كتبكم، فعن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: «ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة»([1]).
وفي المقابل لا تؤدون الزكاة مع نص القرآن عليها:
قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا ٱلصَّلَاةَ وَآتُوا ٱلزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ ٱللَّهِ﴾ [البَقَرَة: 110].
وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ [المؤمنون: 1-4].
وقال: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿ٱلَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [فُصّلَت: 6-7].
هل صرح القرآن بذكر خمس المكاسب؟ وذكر مستلمه من الفقهاء؟ كما صرح بذكر الزكاة ومستحقيها ومستلميها أو العاملين عليها.
لا توجد آية واحدة تنص على وجود شيء اسمه (خمس المكاسب)، ولا آية واحدة كذلك تنص على الفقهاء وعلاقتهم بهذا المورد!!
إنما ورد ذكر (الخمس) في القرآن الكريم مرتين في سورة الحشر: ﴿وَمَا أَفَاءَ ٱللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مَا أَفَاءَ ٱللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَى وَٱلْيَتَامَى وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنْتَهُوا وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ﴾ [الحَشر: 6-7]. وفي سورة الأنفال في قوله تعالى: ﴿وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَى وَٱلْيَتَامَى وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنفَال: 41].
وأما تاريخيّاً؛ فإنه لا يعرف عن أحد من الأئمة أنه كان يفرض على مكاسب المسلمين وأموالهم شيئاً اسمه (الخمس)، بل ولا على أموال المسالمين من الكافرين ــ أهل الذمة ــ وإنما هي الزكاة والصدقات والخراج والجزية وأمثالها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وكذلك من المعلوم بالضرورة أن النبي ﷺ لم يخمس أموال المسلمين، ولا طالب أحداً قط من المسلمين بخمس ماله»([2]).
وهناك روايات كثيرة تعفي الشيعة من دفع الخمس أعرضنا عنها خشية الإطالة.
قال شيخ الطائفة الإمامية أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: «فأما في حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح، والمتاجر والمساكن»([3])
وقد ذهب إلى هذا جماعة من الفقهاء المعتمدين في إعفاء الشيعة من دفع الخمس، منهم: المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن المتوفى (676هـ)([4]).
ويحيى بن سعيد الحلي المتوفى (690هـ)([5]).
والحسن بن المطهر الحلي الذي عاش في القرن الثامن([6]).
والشهيد الثاني المتوفى (966هـ)([7]).
والأردبيلي المتوفى (993هـ)، والعلامة سلار([8])، ومحمّد علي طباطبائي المتوفى أول القرن الحادي عشر([9])، وغيرهم.
([1]) «من لا يحضره الفقيه» (1/13)، و«تهذيب الأحكام» (1/384)، و«الاستبصار» (2/56)، و«وسائل الشيعة» (4/338).
([2]) «منهاج السُّنَّة» (3/154).
([3]) «النهاية في مجرد الفقة والفتاوى» (ص200).
([4]) انظر: «كتاب شرائع الإسلام» (ص182 ــ 183) كتاب الخمس.
([5]) «الجامع للشرائع» (ص151).