كان مع الحسن سبعون ألفاً، أو يزيد([1])، ومع هذا يتنازل لمعاوية مع اعتقاد عامة الشيعة كفر معاوية. فهل يسلم المعصوم أمر الأمة لكافر؟.

وهل يمكننا أن نجمع بين عصمة علي والحسن والحسين؟!

علي يقاتل معاوية، والحسن يتنازل له عن الخلافة، والحسين يبايع معاوية، ويصبر على خلافته عشرين سنة، ويخرج على ولده يزيد بعد تعيينه بأربعة أشهر، فما الفرق بين معاوية، ويزيد؟

ثم ألا تعلمون أن الحسين لم يرد الخروج على يزيد بل خرج من المدينة إلى مكة لما طلب منه أن يبايع يزيد فأبى، وإنما خرج إلى الكوفة بعد طلب أهل الكوفة منه ذلك([2]).

فذكر الكشي عن أبي جعفر أنه قال: «جاء رجل من أصحاب الحسن عليه السلام يقال له: سفيان بن أبي ليلى، وهو على راحلة له، فدخل على الحسن عليه السلام، وهو محتبٍ في فناء داره، فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين! قال: وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك وقلدته هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله»([3]).

 

([1])     صُلْح الحسن بن علي مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: كان سنة 41هـ، وسمي هذا العام بعام الجماعة: «وهذا ذكره النبي ﷺ في خبر من المعجزات، حين قال ﷺ في الحسن ؟ا: «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين» أخرجه البخاري (2704) فكان في تنازله ؟ا لمعاوية مصالح عظيمة للمسلمين... إلخ» وكان هذا الصلح سبباً لتفرق الشيعة ففرقة تركت التشيع مطلقاً، يقول النوبختي: «لما واعد الحسن معاوية وأخذ المال الذي بعث به إليه وصالح معاوية الحسن طعنوا فيه وخالفوه ورجعوا عن إمامته، فدخلوا في مقولة جمهور الناس» «فرق الشيعة» للنوبختي (ص46).

([2])    قد تواترت إليه الخطابات منهم، ذكر ذلك مؤرخوهم، قال المسعودي: «ولما مات معاوية راسل أهل الكوفة إلى الحسين بن علي «أن قد حبسنا أنفسنا على بيعتك، ونحن نموت دونك، ولسنا نحضر جمعة ولا جماعة». انظر: «مروج الذهب» (3 /54).

             وكتباً أخرى: «فقد اخضرت الجنان، وأينعت الثمار، فإذا شئت فأقبل على جند لك مجندة» «إعلام الورى» للطبرسي (1/223)، «الإرشاد» للمفيد ص220.

ولما تواترت الرسائل وكثرت، واشتد طلب الكوفيين: وجه إليهم مسلم بن عقيل بن أبي طالب وكتب إليهم، وأعلمهم أنه إثر كتابه، فلما قدم مسلم الكوفة اجتمعوا إليه، فبايعوه وعاهـدوه وعاقـدوه، وأعطـوه المواثيق عـلى النصرة والمشايعة والوفـاء. «تاريخ اليعقـوبي» (2/242).

وزاد المفيد: «فبايعوه وهم يبكون، وتجاوز عددهم ثمانية عشر ألفاً». «الإرشاد» (ص220).

([3])    «رجال الكشي» (ص103)، ولم يكتفوا بذلك بل تعدى اعتداؤهم عليه بالطعن في فخذه وانتهاب ماله وأخذوا متاعه، وطعنه ابن بشير الأسدي في خاصرته فردوه جريحاً إلى المدائن. انظر تفاصيل هذه المخازي في: «كشف الغمة» (ص540، 541)، «الإرشاد» (ص190)، «الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة» (ص162) ط.طهران. «الاحتجاج» للطبرسي (ص113).