ماذا عليك لكي تكون شيعيّاً؟
07-03-2023
هل تعلمون إخواني، وأخواتي: أنه لا يمكن للإنسان أن يكون شيعياً إلا أن يقول بتحريف القرآن!! وهذا أمر عجيب، وأعجب منه ما سيأتي بعده:
إن أهل السُّنَّة ينقلون القرآن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتواتر، وبالأسانيد الصحيحة المشهورة، والمصاحف المطبوعة اليوم التي يقرأ بها الناس في أنحاء الأرض أربعة:
1 ــ رواية حفص عن عاصم([1]): وهذه مشتهرة في الخليج العربي، ومصر، والشام، والعراق، واليمن.
2 ــ رواية ورش عن نافع: وهذه مشتهرة في المغرب، والجزائر.
3 ــ رواية قالون عن نافع: وهذه مشتهرة في ليبيا.
4 ــ رواية الدوري عن أبي عمرو: وهذه مشتهرة في تشاد، وجنوب السودان.
فاسألوا ــ بارك الله فيكم، ونفعكم، ونفع بكم ــ علماءكم: أين قرآن آل البيت؟ أين المصحف الذي رواه الأئمة بعضهم عن بعض؟
أين إسناد العسكري عن الهادي عن الجواد عن الرضا عن الكاظم عن الصادق عن الباقر عن زين العابدين عن الحسين السبط أو الحسن عن علي رضي الله عنهم أجمعين.
هل يستطيع علماء الشيعة أن يُسندوا القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون الرجوع إلى أسانيد أهل السُّنَّة؟
أنا أقول: لا يستطيعون. فاسألوا علماءكم لعلهم يثبتون خلاف ذلك.
وإذا كان الصحابة كفاراً خاصة المشهورين منهم، وهم نقلة القرآن فكيف يثق الشيعي بنقل من يعتقد كفره؟ وأين إسناد الشيعة إلى حفص، أو ورش، أو قالون، أو الدوري؟
فلن تكونوا شيعةً إلا إذا قلتم بتحريف القرآن!!
فإذا أضفنا إلى هذا أن بعض علماء الشيعة أمثال نعمة الله الجزائري([2])، والنوري الطبرسي([3])، وغيرهما نصُّوا على أن الروايات المتواترة عن الأئمة المعصومين تقول بأن القرآن محرف، بينما لا توجد ولا رواية واحدة صريحة تقول بعدم التحريف.
وأول من قال بعدم التحريف من القدماء أربعة، هم: الطبرسي المفسر أبو علي([4])، والطوسي([5])، والمرتضى([6])، والصدوق([7])، وأما المفيد فله قولان([8]).
وعلى كل من كان يتبع الأئمة الاثني عشر أن يقول بالتحريف، فالروايات عنهم تقول بالتحريف، ومن كان يتبع غيرهم فهذا شأنه.
ولأجل هذا نرى أن علماء السُّنَّة يتشددون في هذه المسألة، فيقولون بكفر من يقول بتحريف القرآن، ويعلنون هذا صراحة استدلالاً بقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحِجر: 9].
بينما علماء الشيعة لا يقولون بهذا، بل يقولون مخطئ ــ إن قالوها ــ!!
ولي سؤال هنا لا أجد له جواباً، وهو في الحقيقة إلزام أكثر من كونه سؤالاً:
نسمع كثيراً حديث الثقلين، والثقلان هما: الكتاب وآل البيت.
وقد جاء الحديث في كتب الشيعة أن القرآن هو الثقل الأكبر، وأن آل البيت هم الثقل الأصغر([9]).
وبعد هذا نقول: أليس يقول جميع الشيعة ــ بلا استثناء ــ بكفر قتلة الحسين صلى الله عليه وآله وسلم مع أن الحسين فردٌ من الثقل الأصغر، بينما لا يقولون بكفر من يطعن بالثقل الأكبر كله، وهم عامة علماء الشيعة.
ولهذا قال جمع غفير ــ نعم غفير ــ من علماء الشيعة الكبار([10]): (إن القرآن محرف)، فهل تقبلون أن يكون هؤلاء هم علماء المذهب الذي تنتمون إليه ممن تترحمون عليهم، وتثنون على ما تركوه من علم ومؤلفات!؟
هل تعلمون ــ بارك الله فيكم ــ أن حسيناً النوري الطبرسي قال عن القرآن الكريم: «إن فيه آياتٍ سخيفة»([11])، والعياذ بالله، أمسلم هذا!!؟
لن أستعجل الجواب، ولكن أقول: إن كنتم حريصين على معرفة الحق ــ وأظنكم كذلك، ولأجل ذلك أنا الآن أكتب لكم ــ اسألوا علماءكم عن مكانة هذا الرجل عند علماء الشيعة الاثني عشرية، ويكفينا من هذا ما قاله كاشف الغطاء: «لو تجلى الله لِخَلْقه لقال: هذا نوري»([12]).
إذا لم ننتصر للقرآن الكريم، ولم نعاد من يعاديه، ولم نتبرأ ممن يطعن فيه؛ فكيف يصح إسلامنا؟
ألزموا علماءكم بالقول بكفر الطاعنين بالقرآن، كما يلهجون بكفر النواصب لعنهم الله، مع أن النواصب كرهوا، ونصبوا العداوة لبشر، وهم آل البيت، فلماذا لا يُكَفِّرون ولا يلعنون من نصب العداوة لكتاب الله؟
فنحن ــ ولله الحمد ــ لا نفرق بين من يطعن بكتاب الله سبحانه وتعالى، أو آل البيت، أو بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلنا منهج واحد في الدفاع عن كل معظم في هذا الدين الحنيف.
([1]) هناك من الشيعة من يدَّعِي أن حفصاً وعاصماً من الشيعة، ويرد عليهم بأن الشيعة يسبون هذين الإمامين سباً فظيعاً في كتبهم، بل تبرأ منهم أعلامهم وعلماؤهم، ومن ذلك: قال أبو القاسم علي بن موسى الحسني الحسيني ــ وهو يرد على أبي علي الجبائي ــ: «فيقال له كل ما ذكرته من طعن وقدح على من يذكر أن القرآن وقع فيه تبديل وتغيير، فهو متوجه على سيدك عثمان بن عفان؛ لأن المسلمين أطبقوا أنه جمع الناس على هذا المصحف الشريف، وحرف وأحرق ما عداه من المصاحف، فلولا اعتراف عثمان بأنه وقع تبديل وتغيير من الصحابة ما كان هناك مصحف محرف، وكانت تكون متساوية.
ويقال: أنت مقر بهؤلاء القرَّاء السبعة الذين يختلفون في حروف وإعراب وغير ذلك من القرآن ولولا اختلافهم ما كانوا سبعة، بل كانوا يكونون قارئاً واحداً، وهؤلاء السبعة منكم، وليسوا من رجال من ذكرت أنهم من الرافضة. ويقال أيضاً: إن القراء العشرة أيضاً من رجالكم، وهم قد اختلفوا في حروف ومواضع كثيرة من القرآن، وكلهم عندكم على الصواب، فمن ترى ادعى اختلاف القرآن وتغييره أنتم وسلفكم لا الرافضة. «سعد السعود» لابن طاوس (ص144، 145) ترجمه الحر العاملي أمل الأمل (2/205 ــ 207).
([2]) «الأنوار النعمانية» لنعمة الله الجزائري (2/357).
([3]) هو: حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ، والمدفون في المشهد المرتضوي بالنجف، وهو صاحب كتاب «فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب» يزعم فيه بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه. ومن ذلك ادعاؤهم في سورة الانشراح نقص عبارة (وجعلنا علياً صهرك)، معاذ الله أن يكون
ادعاؤهم هذا صحيحاً. وقد طبع هذا الكتاب في إيران سنة 1289هـ. فقال ناقلاً عن نعمة الله الجزائري: «إن الأخبار الدالة على ذلك ــ أي: تحريف القرآن ــ تزيد على ألفي حديث، وادعى استفاضتها جماعة: كالمفيد، والمحقق الداماد، والمجلسي، وغيرهم». «فصل الخطاب» للطبرسي (ص30).
([4]) في تفسيره «مجمع البيان» (1/31).
([5]) «التبيان في تفسير القرآن» (1/3).
([6]) وهو: علم الهدى الشريف المرتضى المتوفى سنة 436هـ. «أجوبة المسائل الطرابلسيات».
([7]) محمد بن علي بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق المتوفي سنة 381هـ في كتابه «الاعتقاد» (ص59). وهؤلاء الأربعة من القدماء لا يعرف لهم خامس كما قال إحسان إلهي في كتابه «الشيعة والقرآن» (ص56).
([8]) قال المفيد في «أوائل المقالات» ص80: «إن الأخبار جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد (ص) باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمون فيه من الحذف والنقصان». وإن كان قال بعدها:... وإليه أميل، ولكنه قال (ص49): «واتفق علماء الإمامية
أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل».
([9]) «تفسير القمي» (ص16)، «بصائر الدرجات» (ص122، 123).
([10]) منهم من صرح بإجماع علماء الطائفة على التحريف: المفيد في «أوائل المقالات» (ص80)، ومحسن الكاشاني في «تفسير الصافي» (1/49).
([11]) قال الطبرسي: «وعلىٰ اختلاف النظم كفصاحة بعض فقراتها البالغة حد الإعجاز وسخافة بعضها». «فصل الخطاب» (ص212)، مصورة عن مخطوط.
([12]) كاشف الغطاء مؤلف «أصل الشيعة وأصولها»: قال عن النوري الطبرسي: «علَّامة الفقهاء والمحدثين، جامع أخبار الأئمة الطاهرين، حائز علوم الأولين والآخرين، حجة الله على اليقين، من عقمت النساء عن أن تلد مثله، وتقاعست أساطين الفضلاء فلا يداني أحد فضله ونبله، التقي الأواه، المعجب ملائكة السماء بتقواه، من لو تجلى الله لخلقه لقال: هذا نوري، مولانا ثقة الإسلام الحاج ميرزا حسين النوري أدام الله تعالى وجوده الشريف». مقدمة كتاب «كشف الأستار» للنوري الطبرسي (ص24).
وأطلقوا على النوري الطبرسي أفضل النعوت والأسماء (خاتمة المحدثين، إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، مروج علوم الأنبياء والمرسلين)، منهم: آغا بزورك الطهراني مؤلف «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» يقول عن النوري: «إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، ومن أعاظم علماء الشيعة، وكبار رجال الإسلام في هذا القرن.. كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر، فقد امتاز بعبقرية فذة، وكان آية من آيات الله العجيبة، كَمُنَتْ فيه مواهب غريبة، وملكات شريفة أهَّلته لأن يُعد في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرَّسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب، وحياته صفحة مشرقة من الأعمال الصالحة ومن تصانيفه: «فصل الخطاب في مسألة تحريف الكتاب» «نقباء البشر» لأغا بزورك (2/543).