وقفة مع التوحيد
07-03-2023
لا شك ولا ريب أن الله عز وجل عليم حكيم لم يخلقنا في هذه الدنيا عبثاً، وهو القائل: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: 115].
إن الله جلَّ وعلا خلقنا لغاية عظيمة بيَّنها في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه فقال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذّاريَات: 56].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إلا ليوحدون([1]).
ولقد أجمع الأنبياء على كلمة واحدة: ﴿يَاقَوْمِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلـٰهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعرَاف: 59].
أتدرون ما العبادة؟
إنها توحيد الله جلَّ وعلا؛ أي: إفراده بالدعاء، والتوكل، والخوف، والرجاء، والمحبة، والطاعة، والنذر، والذبح، وغيرها، وبتقسيم آخر:
ــ توحيد القلب.
ــ وتوحيد الجوارح.
فأما توحيد القلب: فيدخل فيه المحبة، الخوف، الرجاء، الإخبات، التوكل، والخشية.
أما توحيد الجوارح: فيدخل فيه الدعاء، الاستغاثة، الذبح، والنذر، الحلف، وغيرها.
قال تعالى في الدعاء: ﴿وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجنّ: 18].
في الاستعانة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفَاتِحَة: 5].
في الاستغاثة: ﴿تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ﴾ [الأنفَال: 9].
في الخوف: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عِمرَان: 175].
وفي التوكل: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المَائدة: 23].
وفي المحبة: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ ٱللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ﴾ [البَقَرَة: 165].
وفي الذبح: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعَام: 162].
وفي النذر: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26].
إن دعاء الصالحين من الأنبياء، وآل البيت، وغيرهم، ينافي ما جاء في القرآن الكريم من الأمر بدعاء الله وحده دون ما سواه.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]. وقال: ﴿لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرّعد: 14].
تدبروا قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ عامة لم تخص نبياً، ولا ولياً، بل تشمل جميع من دعي من دون الله، وتدبروا أيضاً قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرّعد: 14]، فسمَّى الذين يدعون غيره كافرين.
وقال تعالى: ﴿قُلِ ٱدْعُوا ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلَا فِي ٱلْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلَا تَنْفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ﴾ [سبأ:22، 23]
تدبروا يا رعاكم الله كيف أن الله جلَّ وعلا قطع جميع العلائق إلا به، فنفى أولاً أن غيره أيّاً كان يملك مثقال ذرة في السماوات، ولا في الأرض.
أتدرون ما الذرة؟ إنها النملة الصغيرة الصفراء التي لا تكاد تُرى، ثم نفى أن يكونوا شركاء له، ثم نفى أن يكونوا ساعدوه، وختم جلَّ وعلا ببيان أنه حتى الشفاعة لا تكون إلا بإذنه.
فالأولياء الصالحون لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فكيف يملكون لغيرهم؟! وقد تقرر عند عامة العقلاء أن فاقد الشيء لا يعطيه.
قال تعالى لنبيِّه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ [الجنّ: 21]، ولا أظن أن أحداً من المسلمين يجهل هذه الحقيقة، ولنلق نظرة فاحصة سريعة على حال أولياء الله جلَّ وعلا مع ربهم سبحانه وتعالى:
1 ــ نوح عليه السلام: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ﴾ [هُود: 47].
2 ــ إبراهيم عليه السلام قال: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 79].
3 ــ ويعقوب عليه السلام: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يُوسُف: 86].
4 ــ وموسى عليه السلام: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشُّعَرَاء: 62].
5 ــ وزكريا عليه السلام: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ [مَريَم: 3].
6 ــ وأيوب عليه السلام: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبيَاء: 83].
وهكذا يونس، ويوسف، وعيسى، وسيدنا وسيدهم محمد ﷺ وأصحابه معه ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ﴾ [آل عِمرَان: 173]
ترى ماذا تقول أنتَ، وماذا تقولين أنتِ إذا مسَّكم الضر؟ هل تقولون: يا الله، أو تقولون: يا علي يا مهدي يا عباس يا أبا الفضل يا حسين يا زهراء.
قال الشهرودي: «لا يخفى علينا أنه عليه السلام([2]) وإن كان مخفياً عن الأنام، ومحجوباً عنهم، ولا يصل إليه أحد، ولا يُعْرَف مكانه؛ إلا أن ذلك لا ينافي ظهوره عند المضطر المستغيث به الملتجئ إليه الذي انقطعت عنه الأسباب، وأُغلقت دونه الأبواب، فإن إغاثة الملهوف، وإجابة المضطر في تلك الأحوال فعند الشدة، وانقطاع الأسباب عن المخلوقين، وعدم الصبر على البلايا دنيوية كانت أو أخروية، أو الخلاص من شر أعداء الإنس والجن يستغيثون به، ويلتجؤون إليه»([3]).
أخي أُخَيَّتي:
ألسنا نقول دائماً في صلاتنا: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفَاتِحَة: 5] ترى هل نعي معنى هذه الكلمة الطيبة؟ شتان شتان بين من إذا جاءت الشدائد، وادْلَهَمَّتْ الأمور قال: يا الله، وبين من يقول:
نادِ عَليّاً مُظْهِرَ الْعَجَائِبِ
تَجِدْهُ عَوْناً لَكَ فِي النَّوائِبِ
شتان بين من يقول: يا الله أدركني، وبين من يقول: يا مهدي أدركني.
إن المشركين على ما كانوا عليه من الكفر والضلال إذا ضاقت بهم الأمور قالوا: يا الله، قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: 63، 64].
أتدعون ميتاً، فمن الحي الذي لا يموت؟ إنه الله، أنسيتم قوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفُرقان: 58].
فإن قيل: إنهم أحياء في قبورهم قلنا: نعم، ولكنها حياة خاصة، إنها حياة البرزخ، وهم مشغولون عنا بما هم فيه من النعيم، إن حياة البرزخ ليست خاصة بهم؛ إذ إن غيرهم من الصالحين أحياء، والكفار والفساق والمنافقون كذلك أحياء، ولذلك سميت حياة البرزخ.
أتدعون غائباً فمن الذي يعلم الغيب والشهادة؟ إنه الله!
أنسيتم قوله تعالى: ﴿عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ﴾ [الرّعد: 9].
أعيروني قلوبكم يرعاكم الله، من أراد عليّاً صلى الله عليه وآله وسلم في حياته سواء كان من أهل المدينة، أو الكوفة، أو مكة، أو غيرها، ترى ماذا كان يصنع؟ أيناديه وهو في بيته؟! أم يسافر إليه ويطرق بابه؟! والآن نحن نرى الشيعة في شتى بقاع الأرض يقولون: يا علي، فهل يسمعهم جميعاً على اختلاف أوقاتهم ولغاتهم ومطالبهم؟! هذا لا يكون إلا من الله.
ألا ترون أن عيسى عليه السلام وليٌّ من أولياء الله؟ إنه لكذلك، فتعالوا نتدبر قوله تعالى لعيسى عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَاعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلـٰهَيْنِ مِنْ دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ ٱلْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: 116، 117].
أليس هكذا يقول علي وغيره من الأولياء؟ وكنا شهوداً عليهم ما دمنا فيهم، فلما توفيتنا كنت أنت الرقيب؟ نعم والله إن الأمر لكذلك.
وبعد هذا كله نعود، ونقرأ قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المَائدة: 72].
الله جلَّ في علاه يقول لنا: ادعوني.. ادعوا ربكم.. يدعوننا.. إذ تستغيثون ربكم.. يخافون ربهم.. وعلى ربهم يتوكلون.
اقرؤوا القرآن، اقرؤوا النور، والهدى، والفرقان.
ما أمر الله أبداً بدعاء غيره، بل القرآن صريحٌ كله في وجوب دعاء الله وحده لا شريك له.
ألا ترون أن من يقول: يا علي([4])، ويا مهدي([5])، ويا أبا الفضل، ويا بدوي، ويا زينب، ويا جيلاني، ألا ترون أنهم اشتركوا في قضية واحدة ألا وهي أنهم جميعاً دعوا غير الله.
بل إن المشركين عندما دعوا ودّاً، وسُواعا، واللَّات، والعزى، وغيرها من دون الله كانوا يعتقدون أنها تمثل أناساً صالحين.
إنكم لا شك رأيتم، وترون ما يصنع الناس عند قبور الأئمة من الدعاء، والبكاء، والخوف، والرجاء، ما يجعل العين تبكي لا أقول دمعاً بل دماً على التوحيد.
([1]) أخرجه الطبري في «التفسير» (11/475)، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (4/303) عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾: إلا ليقروا بالعبودية طوعاً وكرهاً. وجاء عند البغوي في «تفسيره» (1/380) وقيل: (إلا ليعبدوني) إلا ليوحدوني. هكذا بدون عزو لقائله.
([3]) «الإمام المهدي وظهوره» ص(325).
([4]) جاء في «مفاتيح الجنان» (ص213) في الدعاء أنك تقول: «يا محمد! يا علي! يا علي! يا محمد! اكفياني فإنكما كافيان، وانصراني فإنكما ناصران، يا مولانا! يا صاحب الزمان! الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني! الساعة الساعة الساعة! العجل العجل العجل! يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين». ونحوه في «الباقيات الصالحات» للقمي (ص82) في صلاة الاستغاثة بفاطمة: يقول: «فصل: صلاة الاستغاثة بالبتول صلى الله عليها» ــ والبتول فاطمة رضي الله عنها يقول: «إذا كانت لك حاجة وضاق صدرك فصلِّ ركعتين، ثم اسجد وقل مئة مرة: يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني، ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقلها مئة مرة، ثم الأيسر كذلك، ثم عد إلى السجود وقلها مئة وعشر مرات، واذكر حاجتك تقضى».
([5]) انظر: كتاب «القصص العجيبة» لعبد الحسين دستغيب، ذكر فيه قصصاً كثيرة فيها من دعاء غير الله سبحانه وتعالى واللجوء إليه، وتفريج الكربات ما الله به عليم، فقال مثلاً من هذه القصص في شفاء المريض، وفيها أنه في الساعة التاسعة صباحاً يقول: «حين استغثت بالإمام قائلاً: يا إمام الزمان ــ يعنون: المهدي ــ لقد كنت كل ليلة أربعاء أواظب على المثول بين يديك، ولكنني في الليلة
= الماضية لم أتمكن من المجيء، وأنا لم أرتكب ذنباً، فالغوث الغوث، وأخذت أبكي، ثم سهوت قليلاً، فرأيت في منامي سيداً وضع عصا في يدي، وقال لي: قم، قلت: لا أستطيع ــ لأنه مشلول ــ قال: أقول لك قم، قلت: لا أستطيع، فاقترب مني وأخذ بيدي، وساعدني على النهوض، وهنا أفقت من النوم ولاحظت أنني أستطيع تحريك رجلي، فجلست ثم قمت فتأكدت من قدرتي على الوقوف، وأخذت أرقص فرحاً كما يقال، ولكنني عدت ونمت خوفاً من أن تراني أمي على هذه الحال فتصيبها صدمة من شدة الفرح». وهذا في (ص265). وجاء في كتاب «جمال الأسبوع» لعلي ابن موسى بن الطاووس (ص280)، وفي «بحار الأنوار» (91/190)، و«سائل الشيعة» (7/185): دعاء صلاة الحسن بن علي (ع)، وفيه الدعاء نفسه:... يا علي يا علي يا محمد انصراني فإنكما ناصراي يا محمد يا علي يا علي يا محمد احفظاني فإنكما حافظاي يا مولاي يا صاحب الزمان ثلاث مرات الغوث الغوث الغوث أدركني أدركني أدركني... إلخ. وانظر: «البلد الأمين» للكفعمي.