مراجعة الشيعي عبدالحسين 100
29-03-2023
مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [100]
8 ربيع الثاني سنة 1330 هـ
سلمتم بتصرفهم في النصوص المأثورة في تلك الموارد، فصدقتم بما قلناه والحمد لله. أما حسن مقاصدهم وإيثارهم المصلحة العامة وتحريهم الأصلح للأمة، والأرجح للملة، والأقوىٰ للشوكة، فخارج عن محل البحث كما تعلمون.
التمست في المراجعة الأخيرة تفصيل ما اختص بعلي من الصحاح المنصوص فيها عليه بغير الإمامة من الأمور التي لم يتعبدوا بل لم يبالوا بها، وأنت إمام «السنن»، في هذا الزمن، جمعت أشتاتها، واستفرغت الوسع في معاناتها، فمن ذا يتوهم أنك ممن لا يعرف تفصيل ما أجملناه، ومن ذا يرىٰ أنه أولىٰ منك بمعرفة كنه ما أشرنا إليه، وهل يجاريك أو يباريك في السنّة أحد، كلا، ولكن الأمر كما قيل ــ وكم سائل عن أمره وهو عالم ــ.
إنكم لتعلمون أن كثيراً من الصحابة كانوا يبغضون علياً ويعادونه، وقد فارقوه وآذوه، وشتموه وظلموه، وناصبوه، وحاربوه، فضربوا وجهه ووجوه أهل بيته وأوليائه بسيوفهم، كما هو معلوم بالضرورة من أخبار السلف، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
[1] «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصىٰ الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصىٰ علياً فقد عصاني».
[2] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك يا علي فقد فارقني».
[3] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي».
[4] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من سب علياً فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله».
[5] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذىٰ علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذىٰ الله».
[6] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني».
[7] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يحبك يا علي إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق».
[8] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله».
[9] ونظر يوماً إلىٰ علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم». وحين غشاهم بالكساء قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، وعدو لمن عاداهم».
إلىٰ كثير من أمثال هذه «السنن» التي لم يعمل كثير من الصحابة بشيء منها، وإنما عملوا بنقيضها تقديما لأهوائهم، وإيثارا لأغراضهم، وأولوا البصائر يعلمون أن سائر «السنن» المأثورة في فضل علي ــ وإنها لتربو علىٰ المئات ــ كالنصوص الصريحة في وجوب موالاته، وحرمة معاداته، لدلالة كل منها علىٰ جلالة قدره وعظم شأنه، وعلو منزلته عند الله ورسوله، وقد أوردنا منها في غضون هذه المراجعات طائفة وافرة، وما لم نورده أضعاف أضعاف ما أوردنا، وأنتم ــ بحمد الله ـ ممن وسعوا «السنن» علما، وأحاطوا بها فهما، فهل وجدتم شيئاً منها يتفق مع مناصبته ومحاربته، أو يلتئم مع إيذائه وبغضه وعداوته، أو يناسب هضمه وظلمه، وسبه علىٰ منابر المسلمين، وجعل ذلك سنة من سنن الخطباء أيام الجمع والأعياد، كلا.
ولكن الذين ارتكبوا منه ذلك لم يبالوا بها علىٰ كثرتها وتواترها، ولم يكن لهم منها وازع عن العمل بكل ما تقتضيه سياستهم، وكانوا يعلمون أنه أخو النبي ووليه ووارثه ونجيه، وسيد عترته، وهارون أمته، وكفؤ بضعته وأبو ذريته، وأولهم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأغزرهم علماً، وأكثرهم عملاً، وأكبرهم حلماً، وأشدهم يقيناً، وأعظمهم عناءً، وأحسنهم بلاءً، وأوفرهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأحوطهم علىٰ الإسلام، وأقربهم من رسول الله، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا، وأمثلهم فعلا وقولا وصمتا، لكن الأغراض الشخصية كانت هي المقدمة عندهم علىٰ كل دليل، فأي عجب بعد هذا من تقديم رأيهم في الإمامة علىٰ التعبد بنص الغدير، وهل نص الغدير إلا حديث واحد من مئات من الأحاديث التي تأولوها؟ إيثارا لآرائهم، وتقديما لمصالحهم.
[10] وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي».
[11] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له».
[12] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس».
إلىٰ آخر ما جاء علىٰ هذا النمط من صحاح «السنن» التي لم يتعبدوا بشيء منها، والسلام. «ش».