مراجعة الشيعي عبدالحسين 78
29-03-2023
مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [78]
22 صفر سنة 1330 هـ
إن السيدة أم سلمة لم يصغ قلبها بنص الفرقان العظيم، ولم تؤمر بالتوبة في محكم الذكر الحكيم، ولا نزل القرآن بتظاهرها علىٰ النبي. ولا تظاهرت من بعده علىٰ الوصي، ولا تأهب الله لنصرة نبيه عليها وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير. ولا توعدها الله بالطلاق، ولا هددها بأن يبدله خيراً منها. ولا ضرب امرأة نوح وامرأة لوط لها مثلاً. ولا حاولت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يحرم علىٰ نفسه ما أحل الله له.
ولا قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيبا علىٰ منبره فأشار نحو مسكنها قائلا: «هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة هاهنا الفتنة، حيث يطلع قرن الشيطان».
ولا بلغت في آدابها أن تمد رجلها في قبلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يصلي ــ احتراما له ولصلاته ــ ثم لا ترفعها عن محل سجوده حتىٰ يغمزها، فإذا غمزها رفعتها، حتىٰ يقوم فتمدها ثانية وهكذا كانت.
ولا أرجفت بعثمان، ولا ألبت عليه، ولا نبزته نعثلا، ولا قالت: اقتلوا نعثلا فقد كفر.
ولا خرجت من بيتها الذي أمرها الله عز وجل أن تقر فيه، ولا ركبت العسكر قعودا من الإبل تهبط واديا وتعلو جبلا حتىٰ نبحتها كلاب الحوأب، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنذرها بذلك، فلم ترعو ولم تلتو عن قيادة جيشها اللهم الذي حشدته علىٰ الإمام.
فقولها: مات رسول الله بين سحري ونحري، معطوف علىٰ قولها: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأىٰ السودان يلعبون في مسجده بدرقهم وحرابهم. فقال لها: «أتشتهين تنظرين إليهم؟» قالت: نعم. قالت: فأقامني وراء ه وخدي علىٰ خده، وهو يقول: «دونكم يا بني أرفدة» اغراء لهم باللعب لتأنس السيدة. قالت: حتىٰ إذا مللت. قال: «حسبك؟». قلت: نعم. قال: «فاذهبي».
وإن شئت فاعطفه علىٰ قولها: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع علىٰ الفراش، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله . قالت: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «دعهما..» الحديث، واعطفه إن شئت علىٰ قولها: سابقني النبي فسبقته؛ فلبثنا حتىٰ رهقني اللحم، سابقني فسبقني، فقال: «هذه بتيك». أو علىٰ قولها: كنت ألعب بالبنات ويجيء صواحبي فيلعبن معي، وكان رسول الله يدخلهن علي فيلعبن معي. أو علىٰ قولها: خلال في سبع لم تكن في أحد من الناس إلا ما آتىٰ الله مريم بنت عمران، نزل الملك بصورتي، وتزوجني رسول الله بكراً لم يشركه في أحد من الناس، وأتاه الوحي وأنا وإياه في لحاف واحد، وكنت من أحب النساء إليه، ونزل في آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيهن، ورأيت جبرائيل ولم يره من نسائه أحد غيري، وقبض في بيتي لم يله أحد غيري أنا والملك. اهـ.
إلىٰ آخر ما كانت تسترسل فيه من خصائصها وكله من هذا القبيل.
أما أم سلمة؛ فحسبها الموالاة لوليها ووصي نبيها، وكانت موصوفة بالرأي الصائب، والعقل البالغ، والدين المتين. وإشارتها علىٰ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية تدل علىٰ وفور عقلها، وصواب رأيها، وسمو مقامها، رحمة الله وبركاته عليها، والسلام. «ش».