[6] حديث: «من أحبّ أن يتمسك بديني، ويركب سفينة النّجاة بعدي، فليقتد بعلي بن أبي طالب فإنه وصيي، وخليفتي علىٰ أمّتي في حياتي وبعد وفاتي..» الحديث.

تخريج الحديث:

أخرجه الصّدوق([1])، وابن طاوس([2])، وهاشمٌ البحراني([3]) من طريق الصّدوق به.

سند الحديث ومتنه:

قال الصّدوق: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ؟ا قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبدٍ، عن الحسين بن خالدٍ([4])، عن علي بن موسىٰ الرّضا، عن أبيه، عن آبائه ؟م قال: قال رسول الله ــ صلّىٰ الله عليه وآله ــ: «من أحبّ أن يتمسّك بديني، ويركب سفينة النّجاة بعدي، فليقتد بعلي ابن أبي طالبٍ فإنه وصيي، وخليفتي علىٰ أمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كلّ مسلمٍ وأمير كلّ مؤمنٍ بعدي، قوله قولي، وأمره أمري، ونهيه نهيي، وتابعه تابعي، وناصره ناصري، وخاذله خاذلي»، ثمّ قال عليه السلام: «من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرّم الله عليه الجنّة، وجعل مأواه النّار».

دراسة إسناد الحديث:

الحديث مسلسلٌ بجماعةٍ من المضعّفين عندهم:

  1. في سنده: شيخ الصّدوق علي بن محمد بن ماجيلويه، قال الجواهري: «مجهولٌ»([5]).

وقد وثّقه بعض المتأخرين لكونه شيخ الصّدوق، وقد ترحّم عليه وترضّىٰ عنه فقط، لذا لم يقبل التستري بتوثيق ابن ماجيلويه؛ فقال: «ثمّ توثيق الوسيط([6]) له إنما هو لكونه شيخ إجازةٍ وشيخ الصّدوق، وقد عرفت في المقدمة ما فيه([7]) ([8]).

قلت: وثّق بعض المتأخرين ابن ماجيلويه لعدّة أسبابٍ نوردها فيما يلي:

أولاً: كونه من مشايخ الصّدوق وقد ترضّىٰ عنه.

ثانياً: أوّل من عدّ روايته صحيحةً هو العلّامة الحلّي المتوفّىٰ سنة (726هـ) أي في القرن الثامن، قال الحائري: «إنّ مشايخنا تابعوا العلّامة في عدّ روايته صحيحةً.. ولا يبعد كونه من مشايخ الصّدوق؛ لكثرة الرواية عنه مترضّيا ومترحّماً وفي الوسيط صرّح بوثاقته»([9]).

الرد علىٰ ذلك:

أولا: التّرحّم والتّرضّي لا يفيد التّوثيق، وقد نقض هذا الادعاء آية الله التستري فقال: «قولهم: مشايخ الصّدوق ثقاتٌ لا يحتاجون إلىٰ التّوثيق؛ كلامٌ من غير تحقيقٍ، فضعّف ابن الغضائري كثيراً من مشايخه كتميم بن عبد الله القرشي، ومحمد بن القاسم الاسترآبادي، مع أنّ أغلب مشايخه ــ في غير الفقيه ــ من العامّة([10])، فروىٰ كثيراً من مناقب أئمّتنا ؟م ومثالب أئمّتهم عن طريقهم.. ومنهم أحمد بن الحسين الضّبّي روىٰ عنه في عيونه ــ في باب كرامات مشهد الرّضا عليه السلام، وقد قال الصّدوق في أحمد ذاك: «ما لقيت أنصب منه بلغ من نصبه أنه كان يقول: اللهم صلّ علىٰ محمد فرداً. ويمنع من الصّلاة علىٰ آله»([11]).

وقال الخوئي: «التّرحّم بنفسه لا يقتضي التّوثيق، ولا يكشف عن حسن الحال، وقد رأينا الصّدوق كثيراً ما يترحّم ويترضّىٰ علىٰ مشايخه، وفيهم الضّعيف وغيره، وأنّ ذلك منه لا يكشف إلّا عن كونه شيعياً إمامياً لا يزيد عليه بشيءٍ، كيف وقد ترحّم الصّادق (ع) علىٰ جميع زوار الحسين (ع) وفيهم الفاسق والكذّاب وشارب الخمر، أفهل ترىٰ أنّ ترحّم الصّدوق وترضّيه أعظم شأناً من ترحّم الصّادق (ع)؟!»([12]).

فحال ابن ماجيلويه إذاً كحال علي بن عبد الله الورّاق، قال فيه المامقاني: «ترحّم عليه الصّدوق، وهو من مشايخه، ومع هذا فالرجل مجهولٌ مهملٌ»([13]).

ثانياً: الرجل لم ينصّ المتقدمون علىٰ توثيقه فضلاً عن عدالته، ثمّ يأتي العلّامة في القرن الثامن ويصحّح روايته بعد أربعمئة عامٍ! فلا شكّ أنّ هذا لا يقبله عاقلٌ. ثمّ إنّ توثيق العلّامة نفسه فيه كلامٌ؛ قال الخوئي في ترجمة يونس ابن خبابٍ: «إنّ توثيقات المتأخرين كالعلّامة [الحلّي] وغيره لا يعتمد عليها فيما لم يظهر مستندهم، فالرجل غير ثابت الوثاقة»([14]).

قلت: الخوئي يردّ علىٰ توثيقات المتأخرين فتأمّل.

  1. وفيه أيضاً: حسين بن خالدٍ الصّيرفي، قال الخوئي: «لم يثبت وثاقته، بل إنه خالف قول الإمام الرّضا عليه السلام في أمره بالتزام العافية»([15]).
  2. وفيه أيضاً: علي بن معبدٍ، مجهولٌ، قال المامقاني: «ظاهر كونه إمامياً، ولكن لم ينصّ فيه بتوثيقٍ ولا مدحٍ»([16]).

 

([1])        «إكمال الدين» (6).

([2])       «التحصين» (ص553).

([3])       «غاية المرام» (1/131).

([4])       وفي غاية المرام: (الحسن) بدل (الحسين).

([5])       «المفيد» (ص559).

([6])       «الوسيط» هو كتابٌ في الرجال لميرزا محمد الاسترابادي، واسم الكتاب: «تلخيص الأقوال في تحقيق الرجال»، واشتهر باسم «الوسيط»، والاسترابادي له «منهج المقال»، ويقال له «الكبير»، وله «الصغير» في الرجال.

([7])        قال في «المقدمة» (ص73): «كما أنّ كون الرجل شيخ الصّدوق أعمّ من الوثاقة، وقولهم «مشايخ الصّدوق ثقاتٌ لا يحتاجون إلىٰ توثيقٍ» كلامٌ من غير تحقيقٍ، فضعّف ابن الغضائري كثيراً من مشايخه». وقال (ص74): «كما أنّ ما اشتهر عندهم من استغناء مشايخ الإجازة عن التّوثيق أيضاً كلامٌ من غير تحقيقٍ».

([8])       «قاموس الرجال» (9/460).

([9])       «منتهىٰ المقال» (6/132).

([10])     العامة عندهم: هم أهل السنة والجماعة.

([11])      «قاموس الرجال» (1/73).

([12])     «الصلاة» (4/232).

([13])     «تنقيح المقال» (1/108).

([14])     «معجم رجال الحديث» (21/203).

([15])     المصدر السابق (6/250).

([16])     «تنقيح المقال» (2/309).