[2] حديث ابن عباس: «إنّ الله تبارك وتعالىٰ اطّلع علىٰ أهل الأرض اطّلاعة، فاختارني منها فجعلني نبيا، ثمّ اطّلع الثانية، فاختار علياً فجعله إماما، ثمّ أمرني أن أتخّذه أخا ووليا، ووصيا وخليفة ووزيرا..» الحديث.

تخريج الحديث:

للحديث طريقان:

الأول: من طريق سعيد بن جبيرٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

والثاني: من طريق سلمان الفارسي ؟ا.

وذلك علىٰ النّحو الآتي:

الطريق الأول: ابن عباس رضي الله عنهما:

أخرجه الصّدوق([1])، والمجلسي([2])، وهاشم البحراني([3]).

سند الحديث ومتنه:

قال الصّدوق: محمد بن موسىٰ بن المتوكل ؟ا قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسىٰ بن عمران النّخعي، عن عمّه الحسين ابن يزيد، عن الحسن بن علي بن سالمٍ، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن سعيد ابن جبيرٍ، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله ــ صلّىٰ الله عليه وآله ــ: «إنّ الله تبارك وتعالىٰ اطّلع إلىٰ الأرض اطلاعةً فاختارني منها فجعلني نبيا، ثمّ اطّلع الثانية فاختار منها علياً فجعله إماماً، ثمّ أمرني أن أتّخذه أخاً ووليا ووصيا وخليفةً ووزيراً..» الحديث.

دراسة إسناد الحديث:

الحديث مسلسلٌ بجماعةٍ من المضعّفين عندهم:

  1. في سنده: الحسن بن علي بن سالمٍ، هو الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، وهو ضعيف كذّابٌ ملعونٌ، قال الكشي: «قال محمد بن مسعودٍ: سألت علي بن الحسن بن فضالٍ عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني فقال: كذّابٌ ملعونٌ، رويت عنه أحاديث كثيرةً، وكتبت عنه تفسير القرآن كلّه من أوّله إلىٰ آخره، إلّا أني لا أستحلّ أن أروي عنه حديثاً واحداً..، وحكىٰ لي أبو الحسن حمدويه بن نصيرٍ عن بعض أشياخه أنه قال: الحسن بن علي بن أبي حمزة رجل سوءٍ»([4]).

وقال ابن الغضائري: «واقفٌ ابن واقفٍ([5])، ضعيف في نفسه، وأبوه أوثق منه»([6]).

وقال المامقاني: «اللازم ترك روايات الرّجل إذ لا أقلّ من كونه واقفياً غير موثّقٍ فيكون من الضّعاف»([7]).

  1. وفيه أيضاً: موسىٰ بن عمران النّخعي، قال المامقاني: «مجهولٌ»([8]).

الطريق الثاني: سلمان الفارسي ؟ا:

أخرجه سليم بن قيسٍ([9])، قال: سمعت سلمان الفارسي.. الحديث.

وأخرجه الصّدوق من طريق سليم بن قيسٍ([10])، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ؟ا، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصّفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسىٰ، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياشٍ، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيسٍ الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسي ؟ا يقول: كنت جالساً بين يدي رسول الله  في مرضته التي قبض فيها.. الحديث.

والحديث مسلسلٌ بجماعةٍ من المضعّفين عندهم:

  1. في سنده: أبان بن أبي عياشٍ، قال ابن الغضائري: «ضعيف لا يلتفت إليه، وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيسٍ إليه»([11]).

وقال آية الله البرقعي: «فأبان وسليمٌ رجلان مجهولان»([12]).

  1. وفيه أيضاً: إبراهيم بن عمر اليماني، مختلفٌ فيه، فقد وثّقه النّجاشي، وضعّفه ابن الغضائري، فقال: «ضعيف جداً»([13]). وأمّا غيرهما من مصنّفي الرجال كالشيخ الطّوسي وغيره فلم ينصّوا عليه بجرحٍ ولا تعديلٍ([14]).
  2. وفيه أيضاً: سليم بن قيسٍ، قال ابن الغضائري: «سليم بن قيسٍ الهلالي العامري روىٰ عن أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين، وينسب إليه هذا الكتاب المشهور، وكان أصحابنا يقولون إنّ سليماً لا يعرف ولا ذكر في خبرٍ»([15]).

وقال المفيد: «وأمّا ما تعلّق به أبو جعفرٍ من حديث سليمٍ الذي رجع فيه إلىٰ الكتاب المضاف إليه برواية أبان بن أبي عياشٍ، فالمعنىٰ فيه صحيحٌ، غير أنّ هذا الكتاب غير موثوقٍ به، ولا يجوز العمل علىٰ أكثره، وقد حصل فيه تخليطٌ وتدليسٌ، فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكلّ ما فيه، ولا يعوّل علىٰ جملته»([16]).

وقال آية الله البرقعي: «فأبان وسليمٌ رجلان مجهولان، وكتاب سليمٍ فيه الكثير من الكذب والموضوعات المخالفة للعقل والتاريخ»([17]).

وقال الشيخ محمد باقر البهبودي: «والكتاب موضوع لا مرية فيه»([18]).

وقال هاشم معروف الحسيني معلّقاً علىٰ روايةٍ ذكر سليم بن قيسٍ في سندها: «ويكفي هذه الرواية عيباً أنها من مرويات سليم بن قيسٍ، وهو من المشبوهين المتّهمين بالكذب»([19]).

وقال الخوئي: «وكيفما كان؛ فطريق الشيخ إلىٰ كتاب سليمٍ بكلا سنديه ضعيف.. والصحيح أنه لا طريق لنا إلىٰ كتاب سليم بن قيسٍ الهلالي المروي بطريق حمّاد بن عيسىٰ، وذلك فإنّ في الطريق محمد بن علي الصّيرفي أبا سمينة وهو ضعيف كذّابٌ، وقيل: إنّ أبان بن أبي عياشٍ زاد في كتاب سليم ابن قيسٍ»([20]).

والحديث أخرجه أيضاً الطّوسي([21]) من طريق أبي الطّفيل عن سلمان الفارسي، قال الطّوسي: أخبرنا جماعةٌ عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن فيروز بن غياثٍ الجلاب بباب الأبواب قال: حدثنا محمد بن الفضل بن المختار الباني، ويعرف بفضلان صاحب الجار، قال: حدّثني أبي الفضل بن مختارٍ، عن الحكم بن ظهيرٍ الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة قال: حدّثني أبو عامرٍ القاسم بن عوفٍ، عن أبي الطّفيل عامر بن واثلة قال: حدّثني سلمان الفارسي ؟ا قال: دخلت علىٰ رسول الله .. بتفاوتٍ واختصارٍ.

وفي آخره: «والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، ومن ذرّيتكما المهدي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلاً كما ملئت قبله جوراً».

قلت: كتاب «الأمالي» للشيخ الطّوسي ليس من الكتب المشتهرة، بل توقّف بعض علمائهم في قبول روايات الكتاب، قال آصف محسني: «إذا فرضنا وصول ما في البحار بسندٍ معتبرٍ أو بنسخةٍ مشهورةٍ توجب شهرتها الاطمئنان بصحّته فهو([22])، وإلّا ففيه ما سبق من لزوم التّوقّف في روايته»([23]).

 دراسة إسناد الحديث:

الحديث مسلسلٌ بجماعةٍ من المضعّفين عندهم:

  1. في سنده: محمد بن فيروز، مجهولٌ؛ قال الشيخ علي النمازي: «محمد بن فيروز بن غياثٍ الجلاب لم يذكروه»([24]).
  2. وفيه أيضاً: محمد بن الفضل، مجهولٌ؛ قال الشيخ علي النمازي: «محمد بن الفضل بن مختارٍ الباني لم يذكروه»([25]).
  3. وفيه أيضاً: الفضل بن مختارٍ، قال المامقاني: «إمامي مجهولٌ»([26]). وقال محمد الجواهري في «المفيد من معجم رجال الحديث» ــ وهو خلاصة أحكام الخوئي التي استظهرها تلميذه الجواهري، وهو يلمح بأنّ شيخه الخوئي يرىٰ أنّه مجهولٌ ــ فقال: «الفضل بن المختار البصري من أصحاب الصّادق؛ مجهولٌ»([27]).
  4. وفيه أيضاً: الحكم بن ظهيرٍ، قال محمد الجواهري في كتابه «المفيد من معجم رجال الحديث» ــ مقرّراً حكم شيخه الخوئي علىٰ هذا الراوي ــ: «صاحب التفسير عن السّدّي ذكره النّجاشي والشيخ؛ مجهولٌ»([28]).

قلت: فالرجل أهمله علماء الإمامية، ولم ينصّوا عليه بجرحٍ ولا تعديلٍ.

 

([1])        «إكمال الدين» (2).

([2])       «بحار الأنوار» (36/283) نقلاً عن كتاب «كفاية الأثر».

([3])       «غاية المرام» (1/116) نقلاً عن كتاب «إكمال الدين».

([4])       «رجال الكشّي» (552/1042).

([5])       الواقفية: هم الذين قالوا إنّ موسىٰ بن جعفرٍ هو الإمام ولا إمام بعده. «فرق الشيعة» للنوبختي (81).

([6])       «رجال ابن الغضائري» (ص51).

([7])        «تنقيح المقال» (1/290).

([8])       «تنقيح المقال» (3/258).

([9])       «السقيفة» (ص132).

([10])     «إكمال الدين» (10).

([11])      «رجال ابن الغضائري» (ص36)، «جامع الرواة» (1/9)، «رجال ابن داود الحلّي» (225).

([12])     «كسر الصنم» (ص234).

([13])     «رجال ابن الغضائري» (ص36).

([14])     «منتهىٰ المقال» (1/185).

([15])     «رجال ابن الغضائري» (ص63).

([16])     «تصحيح اعتقادات الإمامية» للمفيد (ص149).

([17])     «كسر الصنم» (ص234).

([18])     «معرفة الحديث» (33).

([19])     «الموضوعات في الآثار والأخبار» (ص184).

([20])    «صيانة القرآن» (ص226).

([21])     «الأمالي» (2/219 ــ 221).

([22])    أي: فهو المعتبر.

([23])    «بحوث في علم الرجال» (ص514).

([24])    «مستدركات علم الرجال» (7/288).

([25])    المصدر السابق (7/286).

([26])    «تنقيح المقال» (1/121).

([27])    «المفيد» (ص457).

([28])    «المفيد» (ص190).