نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [62]

ذكر عبدالحسين أربعين حديثاً ــ زعم صحّتها وتواترها ــ من طرق العترة، تنصّ علىٰ خلافة علي بعد النبي  مباشرةً، وأنه هو الوصي، وكذا أولاده من بعده الأحد عشر. وها هو بيانٌ بمراتب هذه النّصوص الأربعين من حيث الصّحّة والضّعف، مستخدماً في ذلك قواعدهم في الجرح والتعديل؛ ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾  [الأنفال: 42]، فأقول مستعيناً بالله تعالىٰ:

[1] حديث عبد الرّحمن بن سمرة: «يا ابن سمرة! إذا اختلفت الأهواء وتفرّقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب؛ فإنه إمام أمّتي، وخليفتي عليهم من بعدي».

تخريج الحديث:

أخرجه الصّدوق([1])، وأخرجه المحقّق الحلّي([2])، والمجلسي([3]).

سند الحديث ومتنه:

قال الصّدوق: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدّثني عمّي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصّيرفي الكوفي، عن محمد بن سنانٍ، عن المفضّل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرّحمن بن سمرة قال: قال رسول الله ــ صلّىٰ الله عليه وآله ــ: «لعن المجادلون في دين الله علىٰ لسان سبعين نبياً، ومن جادل في آيات الله فقد كفر، قال الله عز وجل: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلَادِ﴾  [غافر: 4]، ومن فسّر القرآن برأيه فقد افترىٰ علىٰ الله الكذب، ومن أفتىٰ الناس بغير علمٍ فلعنته ملائكة السماوات والأرض، وكلّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلّ ضلالةٍ سبيلها إلىٰ النّار». قال عبد الرحمن بن سمرة: فقلت: يا رسول الله! أرشدني إلىٰ النّجاة، فقال: «يا ابن سمرة! إذا اختلفت الأهواء وتفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالبٍ؛ فإنه إمام أمّتي وخليفتي عليهم من بعدي، وهو الفاروق الذي يميز به بين الحقّ والباطل، من سأله أجابه، ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحقّ عنده وجده» الحديث.

دراسة إسناد الحديث:

الحديث مسلسلٌ بجماعةٍ من المضعّفين عندهم:

  1. في سنده: محمد بن علي الصّيرفي، ويلقّب بمحمد بن علي أبو سمينة، اتّهم بالكذب والتّدليس والتخليط والغلو، قال حمدويه عن بعض مشيخته: «محمد بن علي رمي بالغلو».

وذكر الفضل بن شاذان بأنه مشهورٌ بالكذب فقال: «الكذابون المشهورون: أبو الخطّاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد الصّايغ، ومحمد بن سنانٍ، وأبو سمينة أشهرهم»([4]).

وقال الخوئي: «فإنّ في الطريق محمد بن علي الصّيرفي أبا سمينة وهو ضعيف كذّابٌ»([5]).

  1. وفيه أيضاً: محمد بن سنانٍ أبو جعفرٍ الهمداني، قال ابن الغضائري: «ضعيف، غالٍ، يضع الحديث، لا يلتفت إليه»([6]).

وقال ابن داود الحلّي: «قد طعن عليه، ضعيف.. والغالب علىٰ حديثه الفساد»([7]).

وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيدٍ: «إنه روىٰ عن الرّضا عليه السلام، وله مسائل عنه معروفةٌ، وهو رجلٌ ضعيف جداً لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلىٰ ما تفرّد به»([8]).

قلت: ووثّقه المفيد ضمناً مع غيره([9])، وتوقّف فيه العلّامة الحلّي فقال: «والوجه عندي التّوقّف فيما يرويه»([10]).

  1. وفيه أيضاً: سعيد بن المسيب، كان في نظر القوم ناصبياً، قال المفيد في «الأركان»: «وأمّا سعيد بن المسيب فليس يدفع نصبه، وما اشتهر عنه من الرّغبة عن الصّلاة علىٰ زين العابدين عليه السلام قيل له: ألا تصلي علىٰ الرّجل الصّالح من أهل البيت الصالح؟ فقال: صلاة ركعتين أحبّ إلي من الصلاة علىٰ الرجل الصالح من أهل البيت الصّالح، وروي عن مالكٍ أنه كان خارجياً أباضياً، والله أعلم بحقيقة الحال»([11]).

وقد ذكره محسنٌ المعلم فقال: «كان ممن ينصب العداء لأمير المؤمنين علي عليه السلام وكان منحرفاً عنه.. وقد اختلفت الكلمة في سعيدٍ فبين قادحٍ ومادحٍ إلىٰ الحضيض أو الأوج وبين متوقّفٍ، هذا لتعارض الروايات واختلاف المنقول من المواقف كعدم صلاته علىٰ جنازة الإمام زين العابدين وصلاته مع الحجّاج إلىٰ غير ذلك»([12]).

  1. وفيه أيضاً: عبد الرّحمن بن سمرة، قال المامقاني: «صحابي مجهولٌ»([13]).

وقال الخوئي: «ثمّ إنّ الروايات قد اختلفت في الرجل قدحاً ومدحاً.. فتلخّص مما ذكرناه أنّ الصحيح هو التّوقّف في أمر الرّجل لعدم تمامية سند المدح والقدح»([14]).

 

([1])        «إكمال الدين» (1)، وفي «أماليه» (3).

([2])       «المسلك في أصول الدين» (ص222)، نقلاً عن «موسوعة أهل البيت».

([3])       «بحار الأنوار» (36/226).

([4])       «رجال الكشّي» (546 ــ 1033).

([5])       «صيانة القرآن من التّحريف» لمحمد هادي معرفة (ص226).

([6])       «رجال ابن الغضائري» (ص92).

([7])        «القسم الثاني» (الترجمة 455).

([8])       «نقد الرجال» للتفرشي (4/224).

([9])       «الإرشاد» (2/248).

([10])     «الخلاصة» (394).

([11])      «جامع الرواة» للأردبيلي (1/363).

([12])     «النّصب والنّواصب» (ص328).

([13])     «تنقيح المقال» (1/83).

([14])     «معجم رجال الحديث» (9/145).