[28] حديث: «يا فاطمة أما ترضين أن الله ، اطلع إلىٰ أهل الأرض فاختار رجلين، أحدهما أبوك، والآخر بعلك».

قلت: هذا حديثٌ موضوع، روي عن جماعة من الصحابة، وهم: أبو هريرة، وعبد الله بن عباسٍ، وأبي أيوب الأنصاري، وعلي الهلالي، ومعقل بن يسارٍ.

  1. حديث أبي هريرة:

أخرجه الحاكم([1])، من طريق أبي بكرٍ محمد بن أحمد بن سفيان التّرمذي، حدثنا سريج بن يونس، حدثنا أبو حفصٍ الأبّار، حدثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قالت فاطمة رضي الله عنها: يا رسول الله! زوجتني من علي بن أبي طالبٍ وهو فقيرٌ لا مال له؟! فقال: «يا فاطمة أما ترضين أن الله عز وجل، اطلع إلىٰ أهل الأرض فاختار رجلين، أحدهما أبوك، والآخر بعلك».

قال الحاكم: «صحيح علىٰ شرط البخاري ومسلمٍ».

وتعقبه الذهبي بقوله: «بل موضوع علىٰ سريجٍ».

وفيه محمد بن أحمد الترمذي، وهو متهم بالكذب، قال الذهبي: «ولعلّه الباهلي، روىٰ عن سريج بن يونس حديثاً موضوعاً هو المتّهم به»([2]).

وقال الألباني: «وذلك لأنّ سريجاً ثقةٌ من رجال الشّيخين، وكذلك من فوقه؛ غير أبي حفصٍ الأبّار ــ واسمه عمر بن عبدالرّحمن ــ؛ وهو ثقةٌ، فأحدهم لا يحتمل مثل هذا الحديث الموضوع؛ فالمتّهم به أبو بكرٍ التّرمذي هذا»([3]).

قلت: وهل فاطمة حريصة على الدنيا حتى تطلب الزواج بغني وترفض علياً؟

  1. حديث ابن عباس:

أخرجه الطّبراني([4])، والخطيب([5])، وابن عساكر([6])، من طريق إبراهيم بن الحجّاج قال: أخبرنا عبدالرزاق، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عنه به.

قال الخطيب: «حديثٌ غريبٌ من رواية عبد الله بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ عن ابن عباس. وغريبٌ من حديث معمر بن راشدٍ عن ابن أبي نجيحٍ، تفرّد بروايته عنه عبدالرزاق، وقد رواه عن عبدالرزاق غير واحدٍ».

فيه إبراهيم بن الحجّاج، قال الذهبي: «نكرةٌ لا يعرف، والخبر الذي رواه باطلٌ، وما هو بالسامي ولا بالنيلي»([7]).

  1. حديث أبي أيوب:

أخرجه الطبراني([8])، من طريق حسينٍ الأشقر، حدثنا قيس بن الرّبيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي عنه مرفوعاً به، وزاد: «فأوحي إلي، فأنكحته، واتّخذته وصياً».

فيه قيس بن الربيع، قيل لأحمد عن قيس بن الربيع: لم تركوا حديثه؟ قال: «كان يتشيع، وكان كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة، وكان وكيع وعلي بن المديني يضعفانه»([9]). وضعفه ابن معين والنسائي والدارقطني([10]). وقال أبو حاتم: «محله الصدق، وليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به»([11]).

وفيه عباية بن ربعي، قال عنه العقيلي: «روى عنه موسى بن طريف، كلاهما غاليان ملحدان»([12]).

قلت: وحسينٌ الأشقر متّهمٌ، وقد مرَّ كثيراً.

  1. حديث علي الهلالي:

أخرجه الطبراني([13])، من طريق الهيثم بن حبيبٍ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن علي الهلالي، عن أبيه، قال: دخلت علىٰ رسول الله  في شكاته التي قبض فيها؛ فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتىٰ ارتفع صوتها، فرفع رسول الله  طرفه إليها؛ فقال: «يا حبيبتي فاطمة! ما الذي يبكيك؟!». قالت: أخشىٰ الضّيعة من بعدك! فقال: «يا حبيبتي! أمّا علمت أنّ الله تبارك وتعالىٰ اطلع إلىٰ أهل الأرض اطلاعةً فاختار منها أباك..» الحديث.

قال الذهبي: «هذا موضوع، والهيثم بن حبيبٍ هو المتّهم بهذا الحديث».

وعلي بن علي الهلالي وأبوه لم أعثر لهما علىٰ ترجمة.

  1. حديث معقلٍ:

أخرجه أحمد([14])، من طريق خالد بن طهمان، عن نافع بن أبي نافعٍ، عنه، قال: وضأت النبي  ذات يومٍ؛ فقال: «هل لك في فاطمة رضي الله عنها تعودها؟!». فقلت: نعم؛ فقام متوكّئاً علي، فقال: «أمّا إنه سيحمل ثقلها غيرك، ويكون أجرها لك». قال: فكأنه لم يكن علي شيءٌ، حتىٰ دخلنا علىٰ فاطمة عليها السلام، فقال لها: «كيف تجدينك؟» قالت: والله لقد اشتدّ حزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي ــ قال أبو عبدالرّحمن [ابن الإمام أحمد]: وجدت في كتاب أبي بخطّ يده في هذا الحديث ــ قال: «أوما ترضين أني زوّجتك أقدم أمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً؟!».

وهذا إسنادٌ ضعيف؛ فيه خالد بن طهمان؛ قال ابن معينٍ: «ضعيف خلط قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقةً»([15]).

 

([1])        «المستدرك» (3/129).

([2])       «ميزان الاعتدال» (3/457).

([3])       «السلسلة الضعيفة» (10/530).

([4])       «المعجم الكبير» (3/111/2).

([5])       «التاريخ» (4/195 ــ 196).

([6])       «تاريخ دمشق» (42/135).

([7])        «ميزان الاعتدال» (1/26، 65).

([8])       «المعجم الكبير» (4/171).

([9])       «الجرح والتعديل» (7/97).

([10])     «ميزان الاعتدال» (3/393).

([11])      «الجرح والتعديل» (7/97).

([12])     «الضعفاء» للعقيلي (3/415).

([13])     «المعجم الكبير» (3/57)، «المعجم الأوسط» (6/327).

([14])     «مسند أحمد» (5/26).

([15])     «ميزان الاعتدال» للذهبي (2433).