من سبّ علياً فقد سبّني
26-03-2023
[18] حديث: «من سبّ علياً فقد سبّني».
هذا حديثٌ منكر.
أخرجه أحمد([1]) ، والنسائي([2])، والحاكم([3])، وابن عساكر([4])، من طريق إسرائيل بن يونس.
وأخرجه الحاكم([5])، من طريق بكير بن عثمان البجلي.
وأخرجه ابن أبي شيبة([6])، والطبراني([7])، من طريق فطر بن خليفة.
ثلاثتهم (إسرائيل، وبكير، وفطر)، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عن أبي عبد الله الجدلي قال: حججتُ وأنا غلامٌ، فمررت بالمدينة، فرأيت النّاس عنقاً واحداً، فاتبعتهم، فأتوا أمّ سلمة زوج النبي ، فسمعتها وهي تقول: يا شبيب بن ربيعٍ! فأجابها رجلٌ جلفٌ جافٌ: لبّيك يا أمّه! فقالت: أيسبّ رسول الله في ناديكم؟ فقال: إنّا نقول شيئاً نريد عرض هذه الحياة الدّنيا، فقالت: سمعت رسول الله يقول: «من سبَّ علياً فقد سبَّني، ومن سبَّني سبه الله».
وفي لفظ للحاكم: «ومن سبني فقد سب الله».
فيه أيضاً: أبو عبد الله الجدلي، ثقة إلا أنه شيعي جلد، والحديث في نصرة مذهبه.
وفيه أيضاً: أبو إسحاق السّبيعي، وهو مدلّسٌ وقد عنعن.
وأخرجه أبو يعلى([8])، وابن المقرئ([9])، وابن عساكر([10])، من طريق عيسى بن عبدالرحمن البجلي.
وأخرجه الطبراني([11])، من طريق عون بن سلامة، وعبدالحميد بن صالح.
وأخرجه ابن عساكر([12])، من طريق عمرو.
جميعاً (عيسى، عون، عبدالحميد، عمرو)، من طريق إسماعيل السدي، قال: قال قيس بن أبي حازم، سمعت أم سلمة تقول: «من سبَّ علياً وأحباءه؛ فقد سبّ رسول الله، وأشهد أن رسول الله كان يحبه».
فيه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، أبو محمد القرشي.
قال الحافظ ابن حجر: «صدوق يهم، ورمي بالتشيع»([13])، والحديث في نصرة بدعته.
* * *
[18/م] وفي روايةٍ: «من آذىٰ علياً فقد آذاني».
قلت: هذا حديثٌ ضعيف.
أخرجه الإمام أحمد([14])، ومن طريقه الحاكم([15])، من طريق حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالحٍ، عن الفضل بن معقل بن سنانٍ، عن عبد الله بن نيارٍ الأسلمي، عن عمرو بن شاسٍ الأسلمي ــ قال: وكان من أصحاب الحديبية ــ قال: خرجتُ مع علي إلىٰ اليمن، فجفاني في سفري ذلك، حتىٰ وجدت في نفسي عليه، فلمّا قدمت أظهرت شكايته في المسجد، حتىٰ بلغ ذلك رسول الله ، فدخلت المسجد ذات غداةٍ، ورسول الله في ناسٍ من أصحابه، فلمّا رآني أبدّني عينيه ــ يقول: حدّد إلي النّظر ــ حتىٰ إذا جلست، قال: «يا عمرو! والله! لقد آذيتني». قلت: أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله . قال: «بلىٰ، من آذىٰ علياً فقد آذاني».
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»، وسكت الذهبي!
قلت: إسناده ضعيف مسلسلٌ بالعلل:
فيه: محمد بن إسحاق، مدلّسٌ وقد عنعنه ولم يصرّح بالسّماع.
وفيه أيضاً: الفضل بن معقل بن سنانٍ، مجهولٌ، ترجم له البخاري([16]) وابن أبي حاتمٍ([17]) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال ابن حِبّان: «روىٰ عنه أبان بن صالحٍ ومحمد بن إسحاق، ومن قال الفضل بن معقلٍ فقد نسبه إلىٰ جدّه»([18])، فلم يفعل شيئاً.
وفي الإسناد انقطاعٌ، قال ابن معينٍ: «حديث عبد الله بن نيارٍ عن عمرو بن شاسٍ ليس هو متّصلٌ؛ لأنّ عبد الله بن نيارٍ يروي عنه ابن أبي ذئبٍ، أو قال: يروي عنه القاسم بن عباس ــ شكّ أبو الفضل ــ لا يشبه أن يكون رأىٰ عمرو بن شاسٍ»([19]).
وللحديث طرقٌ أخرىٰ لا تخلو من كلامٍ، وصحّحه بمجموع طرقه الألباني([20])، وقد تقدّم أنه حديثٌ ضعيف معلّلٌ. وعلىٰ افتراض صحّة الحديث؛ فليس فيه ما يدلّ علىٰ حصر الإمامة في علي ؟ا ونسله فقط، دون سائر الصّحابة والمسلمين، بل فيه بيان فضل علي ومكانته من النبي ﷺ، وهذا لا ينكر له رضي الله عنه، وفي الصحيحين وغيرهما من الفضائل الصحيحة لعلي ما يغني عن هذا ويعلو.
([6]) «مصنف ابن أبي شيبة» (32113).
([7]) «المعجم الكبير» (23/322).
([9]) «معجم ابن المقرئ» (202).
([11]) «المعجم الكبير» (23/322).
([15]) «التاريخ الكبير» (7/114).
([16]) «التاريخ الكبير» (7/114).
([17]) «الجرح والتعديل» (7/67).