الأنبياء والمرسلون معصومون في ثلاثة أمور باتفاق هي:

1 ــ       معصومون من الشرك والكفر بالله تبارك وتعالى، ومن الكبائر.

2 ــ معصومون في التبليغ فلا يخطئون فيه.

3 ــ معصومون من خوارم المروءة، وخوارم المروءة هي ما يُسْقِط قدر الإنسان عند الناس، كالاستهزاء بالآخرين، والضحك عليهم، والسخرية، والكذب، وما شابه ذلك، هذا كله من خوارم المروءة، وهو ما يعيبه الناس في عرفهم.

واختلف أهل العلم في الصغائر، هل تقع من الأنبياء أو لا تقع؟ مع اتفاقهم على أنّ هذه الصغائر إن وقعت من الأنبياء فإنهم لا يقرون عليها، بل يأتيهم التحذير من الله تبارك وتعالى مباشرة، وهذا القول هو الصحيح، وهذا قول جماهير أهل السنة؛ بل ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أنه لم يختلف فيه السلف رحمهم الله تعالى من الصحابة والتابعين أن الصغائر يمكن أن تقع من الأنبياء، ومن هذا قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾، ومنه قول الله تبارك وتعالى لنوح: ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ﴾، وقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾، وكذلك لما حكم داود عليه الصلاة والسلام بين المرأتين، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى في قصة داود عليه الصلاة والسلام، وكيف أن الله تبارك وتعالى صَوَّبَ فِعْلَ سليمان لما أمر بقطع الولد بالسكين نصفين، ووافق حكمه حكم الله تبارك وتعالى، وكذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَذَا ٱلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾   أي: خرج قبل الإذن له، وقال تعالى: ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ﴾، وموسى ﴿وَأَلْقَى ٱلْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾   وكذا قول النبي ﷺ: «كل ابن آدم خطاء»([1])، وهؤلاء من أولاد آدم بلا شك صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَاأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾، وقول الله تبارك وتعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ ٱلْأَعْمَى﴾  .

فالصحيح أن الصغائر يمكن أن تقع من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولكنهم لا يُقَرّون عليها، بل يستغفرون منها ويتوبون، ويكون حالُهم بعد التوبة أفضل من حالهم قبل الوقوع في هذه الأمور.

 

([1])       أخرجه الترمذي (2499)، وابن ماجه (4251) من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (4515).