الاحاديث الثلاثة في علي
26-03-2023
وها قد تمخّض الجبل ولكن عن ماذا؟!
عن أربعة أحاديث واهية، بل ثلاثة؛ لأن أوّلها المنسوب لابن سلام ليس له ذكرٌ في الكتب كما سيأتي.
أما الحديث الأول، حديث تصدّق علي بخاتمه وهو راكعٌ؛ فهو حديث منكر.
أخرجه الحاكم([1])، وابن عساكر([2])، من طريق محمد بن يحيىٰ بن الضّريس، حدّثنا عيسىٰ بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي قال: نزلت هذه الآية علىٰ رسول الله : ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ ، فخرج رسول الله ودخل المسجد، والناس يصلّون بين راكع وقائم يصلّي، فإذا سائلٌ، قال: «يا سائل! أعطاك أحدٌ شيئاً؟». فقال: لا، إلّا هذا الراكع ــ لعلي ــ أعطاني خاتماً.
قال الحاكم: «تفرّد به ابن الضّريس عن عيسىٰ العلوي الكوفي».
قلت: عيسىٰ بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب([3]).
قال ابن عدي: «وعامّة ما يرويه لا يتابع عليه»([4]). وقال الدّارقطني: «متروك الحديث». وقال ابن حبّان: «يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعةً»([5]).
و أخرج ابن جرير([6])، وأبو نعيم([7])، عن عبدالملك بن أبي سليمان قال: «سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قوله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ﴾ الآية؛ قلنا: من الذين آمنوا؟ قال: «الذين آمنوا»، ولفظ أبي نعيم قال: «أصحاب محمد ». قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب؟! قال: «علي من الذين آمنوا». وإسناده صحيحٌ.
فلو أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه خاصة؛ لكان أولى الناس بمعرفة ذلك أهل بيته وذريته، فهذا أبو جعفر الباقر رضي الله عنه لا علم عنده بذلك.
* * *
الحديث الثاني، ولفظه: «اللهمّ إن أخي موسىٰ سألك قال: ﴿ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طٰه: 25] إلىٰ قوله ﴿ قَدْ أُوتِيْتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى﴾ ، اللهمّ وإني عبدك ونبيك فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي علياً اشدد به ظهري».
وهذا الحديث موضوع، مرّ قريباً في المراجعة رقم (34)، الحديث (26).
* * *
الحديث الثالث، وهو بلفظ: «علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصورٌ من نصره، مخذولٌ من خذله».
وهو موضوع أيضاً.
أخرجه الحاكم([8]) والخطيب([9])، من طريق أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرّاني، حدّثنا عبدالرّزّاق، حدّثنا سفيان الثّوري، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبدالرّحمن بن عثمان قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله يقول، فذكره.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد». وتعقّبه الذهبي بقوله: «بل والله موضوع، وأحمد كذّابٌ».
فيه أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرّاني، وهو كذاب.
وقال الخطيب البغدادي بعد تخريجه الحديث: «هو أنكر ما حفظ عليه». وقال ابن عدي: «يضع الحديث»([10]). وقال الحافظ ابن كثير: «وليس يصحّ منها شيءٌ بالكلية،؛ لضعف أسانيدها، وجهالة رجالها»([11]).