مراجعة الشيعي عبدالحسين 40
26-03-2023
مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [40]
2 المحرم سنة 1330 هـ
نعم أتلوها عليك آية محكمة من آيات الله عز وجل في فرقانه العظيم، ألا وهي قوله تعالىٰ في سورة المائدة: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ﴾ [المَائدة: 55-56]. حيث لا ريب في نزولها في علي حين تصدق راكعاً في الصلاة بخاتمه.
والصحاح ــ في نزولها بعلي إذ تصدق بخاتمه وهو راكع في الصلاة ــ متواترة، عن أئمة العترة الطاهرة.
وحسبك مما جاء نصاً في هذا من طريق غيرهم حديث ابن سلام مرفوعاً إلىٰ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فراجعه في «صحيح النسائي» أو في «تفسير سورة المائدة» من كتاب «الجمع بين الصحاح الستة»([1]).
ومثله حديث ابن عباس، وحديث علي مرفوعين أيضاً: فراجع حديث ابن عباس في تفسير هذه الآية من كتاب «أسباب النزول» للإمام الواحدي. وقد أخرجه الخطيب في «المتفق». وراجع حديث علي في «مسندي» ابن مردويه وأبي الشيخ. وإن شئت فراجعه في «كنز العمال» علىٰ أن نزولها في علي مما أجمع المفسرون عليه، وقد نقل إجماعهم هذا غير واحد من أعلام أهل السنّة، كالإمام القوشجي في مبحث الإمامة من «شرح التجريد»، وفي الباب 18 من «غاية المرام» 24 حديثاً من طريق الجمهور في نزولها بما قلناه، ولولا مراعاة الاختصار، وكون المسألة كالشمس في رائعة النهار، لاستوفينا ما جاء فيها من صحيح الأخبار، لكنها والحمد لله مما لا ريب فيه، ومع ذلك فإنا لا ندع مراجعتنا خالية مما جاء فيها من حديث الجمهور، مقتصرين علىٰ ما في «تفسير» الإمام أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي.
فنقول: أخرج عند بلوغه هذه الآية في «تفسيره الكبير» بالإسناد إلىٰ أبي ذر الغفاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهاتين وإلا صمّتا، ورأيته بهاتين وإلا عميتا، يقول: «علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله»، أما إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئاً، وكان علي راكعاً فأومأ بخنصره إليه وكان يتختم بها، فأقبل السائل حتىٰ أخذ الخاتم من خنصره، فتضرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلىٰ الله عز وجل يدعوه، فقال: «اللهم إن أخي موسىٰ سألك: ﴿قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَٱجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ [طٰه: 26-34]. فأوحيت إليه: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيْتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى﴾ [طٰه: 36]، اللهم وإني عبدك ونبيك، فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً اشدد به ظهري». قال أبوذر: فوالله ما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلمة حتىٰ هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ﴾ [المَائدة: 55-56]».
وأنت ــ نصر الله بك الحق ــ تعلم أن الولي هنا إنما هو الأولىٰ بالتصرف كما في قولنا: فلان ولي القاصر. وقد صرح اللغويون بأن كل من ولي أمر واحد فهو وليه، فيكون المعنىٰ أن الذي يلي أموركم فيكون أولىٰ بها منكم، إنما هو الله عز وجل ورسوله وعلي، لأنه هو الذي اجتمعت به هذه الصفات، الإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في حال الركوع، ونزلت فيه الآية، وقد أثبت الله فيها الولاية لنفسه تعالىٰ ولنبيه ولوليه علىٰ نسق واحد، وولاية الله عز وجل عامة، فولاية النبي والولي مثلها وعلىٰ أسلوبها، ولا يجوز أن يكون هنا بمعنىٰ النصير أو المحب أو نحوهما إذ لا يبقىٰ لهذا الحصر وجه كما لا يخفىٰ، وأظن أن هذا ملحق بالواضحات، والحمد لله رب العالمين. «ش».
([1]) هذا محض كذب كما سيأتي؛ لكون ابن سلام لم يرو هذا الحديث في المصادر التي ذكرها الشيعي.